Thursday, May 15, 2014

العب بعيداً


بسم الله...

لي صديق مبرمج, قد سئم الوظيفة, و قرر أن يبدأ مشروعه الخاص, و تحديدا في مجال تطوير برمجيات الهواتف الجوالة Mobile application, و قد اختار هذا المسار للأسباب الآتية:
1- لأن الإنسان يقضي أوقاتا طويلة مع هاتفه, و لذلك فصناعة المال في مجال تكنولوجيا الأعمال تتجه بشدة إلى الاستفادة من هذه المعلومة
2- لأنه ليس لديه خبرة في الأعمال, و أسهل طريق للمبرمجين هو تطوير برمجيات للهواتف الجوالة, ذلك لأن صنّاع نظم التشغيل الرئيسية (أي أو إس iOS و أندرويد Android) لديهما أسواق تتيح للمبرمجين عرض و بيع برامجهم مقابل نسبة من الربح. الفكرة عبقرية: السوق يوفر لك مكانا لعرض منتجك لتتفرغ أنت لتطوير البرامج! 
3- لأن نموذج الأرباح كذلك بسيط جدا, و عملي جدا: فبدلا من أن تنتج برامج كبيرة, تستغرق منك أشهرا عديدة لإنتاجها, ثم تبيعها بسعر مرتفع فلا يشتريها منك إلا قليل من الناس, بدلا من ذلك تنتج برامج صغيرة, لا تستغرق منك وقتا طويلا لإنتاجها, فتبيعها بسعر منخفض (في الغالب لا تتجاوز دولارا واحدا!), فيشتريها منك كثير من الناس, و يكون لديك متسع من الوقت فتنتج برامج أكثر, فلو فشل أحدها أو عاد إليك بربح قليل, ستعوضك البرامج الأخرى! و هذه الاستراتيجية تسمى استراتيجية الذيل الطويل Long Tail (لعلنا نتحدث عنها بالتفصيل في مقالات تالية - إن شاء الله - )

جميل جدا, أليس كذلك؟
بلى, هو كذلك...

مرت على صديقي سنوات قليلة, ثم سألته على حاله مع مشروعه, فأخبرني أن أسواق برمجات الهواتف (AppStore و Google Play) قد أصابها التشبع, و الشركات العملاقة نزلت بثقلها لتنافس في هذه الأسواق, و صار الربح منها صعبا جدا!

المحيطات الحمراء Red Oceans
حينما تكون محددات السوق معروفة لكل اللاعبين, و قواعد اللعب متفقا عليها, و السوق مزدحمة بالمتنافسين, حينئذ تبلغ المنافسة حدا من الشراسة يشبه قطع الرقاب و لو تصورنا هذا السوق كمحيط, لاحْمَرَّ لونه من كثرة الدماء! و من هذا التشبيه جاء الاسم الذي يصف هذه الأسواق: المحيطات الحمراء Red Oceans.

فما المخرج؟
إذا كنت تخسر دائما, فعليك بتغيير قواعد اللعبة![1]
ابحث عن سوق بِكْرٍ لم تطأه أرجل المتنافسين أو لم ينتبهوا له, و لم تُحَدَّد قواعد اللعب فيه, أو بكلمات أخرى...العب بعيداً!
فإن وجدت هذا السوق فكأنما وجدت محيطا واسعا عميقا, تسبح فيه وحدك دون أن يكدره عليك سائر المتنافسين! و هذا التشبيه جاء منه اسم هذه الأسواق: المحيطات الزرقاء Blue Oceans!

(لن نفصل في كيفية إيجاد مثل هذه الأسوق لأننا سنتحدث عنها فيما بعد - إن شاء الله - لكن من أراد التوسع, فسيجد في ويكيبيديا المزيد)...

الإعلانات!
نعود لصديقي المبرمج, كيف تصرف للتغلب على حالة السوق التي وصفناها؟
قال لي: بسبب تشبع السوق, فإن الاتجاه السائد الآن في تطوير برمجيات الهواتف الجوالة  أن تجعل برامجك مجانية و تضع إعلانات داخلها, و لكي تكون هذه الإعلانات مجدية (من ناحية الربح) فينبغي أن يكون البرنامج مما يستخدمه الناس كثيرا, مثل الألعاب!
كذلك يدرس صديقي تنويع شركات الإعلانات التي يتعامل معها!
....
لي رأي فيما فعله صديقي, لكني أحب أن يكون هذا الموقف نموذجا للدراسة case study, نتناقش فيما ينبغي على صديقي عمله, و ليكن هذا هو الواجب العملي لهذه المقالة!
فأخبروني: هل ترون ما فعله صديقي هو الأسلوب الأمثل في التعامل مع حالة السوق المذكورة؟
... في انتظار تعليقاتكم :)
كتبه ... سامح دعبس
-----------------------------------
[1] هذا الاقتباس, قرأته في مكان ما, و لكني لا أذكر أين!

Sunday, April 27, 2014

لماذا لم تبدأ شركتك إلى الآن؟

بسم الله...
مر وقت طويل جدا منذ آخر مقالة نشرناها في هذه المدونة, فما الذي منعنا؟ و لماذا لم نبدأ شركتنا إلى الآن؟ هل نحن ممن يسيرون مع موجة ريادة الأعمال نظريا دون تطبيق عملي؟ ألم نعد القراء بنصائح عملية تعينهم على تأسيس شركاتهم؟...

حسنا, سأجيب عن هذه التساؤلات باختصار شديد, و سأستغل باقي المقالة في الحديث عن موضوع هام جدا يفيد القراء ... فتصبروا قليلا لتعرفوا ما هو :)

* أين كنا الفترة السابقة؟
- حقيقة, بسبب ما تمر به مصر من أحداث سياسية, فقد شُغلنا كثيرا و توقف كثير من مشاريعنا التي كنا قد بدأنا فيها بالفعل, و ها قد عدنا :-)
قد تكون هذه الإجابة مقنعة لبعض القراء, لكن - في الحقيقة - هذه هي الحيلة النفسية التي نحاول إيهام أنفسنا بها لتبرير تأخرنا عن البدء إلى الآن!

* هل يعني ذلك أنه كان بإمكاننا البدء و لم نفعل؟
- نعم

* فما هي الأسباب التي منعتكم إذا؟
- دعوني أغير صيغة هذا السؤال و أعممه ليكون أكثر إفادة للقراء...

* ما الذي يمنع الناس من البدء في مشاريعهم الخاصة؟
- قد لخص أهم هذه الأسباب (أو إن شئت سمها الأوهام) العبقري بول غراهام, و بين زيفها أحسن بيان, ثم أتحفنا رؤوف شبايك بترجمة مقالة بول غراهام في ثلاثة مقالات (الأولى, الثانية, الثالثة), و هذا ملخصها:
  1. صغر السن
  2. قلة الخبرة
  3. التردد
  4. اعتقاد قلة الذكاء
  5. الجهل بعالم الأعمال و المشاريع
  6. عدم وجود شركاء
  7. انعدام الفكرة التي تصلح للبدء في مشروع تجاري
  8. الاعتقاد بعدم إمكانية منافسة الأقوياء
  9. الخوف من المغامرة لمن يعول أسرة
  10. اعتقاد عدم الحاجة لتأسيس مشاريع خاصة و خوض صعوباتها مع تيسر الحال المادي
  11. عدم الاستعداد للالتزام بمتطلبات تأسيس مشروع خاص
  12. عدم الرغبة في تحمل مسئولية أخد قرارات خطيرة
  13. حب الاستقرار و الأمان الوظيفي
  14. عدم معرفة مذاق العمل الخاص في مقابل البؤس الوظيفي
  15. ضغط الأهل لسلوك مسار مختلف (كالطب مثلا)
  16. الظن أن الطريق الوحيد للحصول على المال هو الوظيفة!
* كل هذا جميل, لكن أليست حالة مصر السياسية و الاقتصادية تجعل من الصعب فعلا البدء في مشروع تجاري الآن؟
- حسنا يا صديقي الذي يدافع عنا :), يأتيك الجواب من بول غراهام أيضا, و يترجمه لك المجتهد رؤوف شبايك في جزأين (الأول, الثاني), و خلاصة كلام بول غراهام, أن هذه الأوقات العصيبة قد تكون الأنسب للبدء! بل هناك شركات عملاقة نشأت في فترات كساد اقتصادي عالمي, مثل مايكروسوفت Microsoft و آبل Apple! 
فمثلا, في مثل هذه الأوقات يشعر الناس بضرورة ترشيد الإنفاق, فماذا لو قدمت أنت منتجات تلبي حاجاتهم بأسعار تقل عن تلك التي تقدمها الشركات الكبيرة؟! بل هناك ميزة أخرى أن كثيرا من الناس يحجمون عن كثير من المشاريع في مثل هذه الأوقات, مما يعني فرصا أكبر للنجاح بسبب قلة المنافسة!
و يلخص لك بول غراهام الكلام و يقول أن هذه الأوقات الصعبة مؤثرة بلا شك, لكن ليس كما نعتقد, و الأكثر تأثيرا أمران:
  1. طبيعة المؤسسين (أنت و شركاؤك)
  2. قدرة المشروع على الاستمرار بأقل مصاريف ممكنة, لأطول فترة ممكنة (على الهامش: من أهداف هذه المدونة تعليمك كيف تفعل ذلك, فتابعنا :)
كل ما سبق جميل جدا, لكن في رأيي, السبب الحقيقي لتأخير البدء في تأسيس المشروع الخاص هو الخوف! الخوف من التجربة, الخوف من الفشل, الخوف من عدم القدرة على الاستمرار....نعم إنه الخوف, و لا أعلم علاجا لهذا الخوف إلا التوكل على الله و البدء فورا... و فاز باللذة الجسور[1]

* إذا, أنتم تعرفون كل هذا و لم تبدأوا إلى الآن؟
- قد بدأنا بالفعل, و لله الحمد :)
قد لاحظنا سوء الوضع في مصر, و حاجة الكثير من الناس للتوظف (نعم الذين يريدون أن يتوظفوا أكثر بكثير من الذين يريديون أن يكونوا أصحاب أعمال!), فوفقنا الله لتأسيس مشروعنا الأول بشرية :)

بشرية, هو الاسم الذي اخترناه لمشروعنا الذي سنقدم من خلاله تباعا - إن شاء الله - خدمات موارد بشرية Human Resources, و قد اخترنا أن تكون أول خدمة نقدمها تنفع الناس (بتجميع الوظائف المنشورة في مكان واحد) و منها نحقق هدفا ثانيا: تحقيق انتشار جيد يسمح لنا بتقديم خدمات تالية تدر علينا أرباحا - إن شاء الله -

* بشرية! لماذا هذا الاسم الغريب؟!
- هذا الاسم يحقق لنا عدة أغراض:
  1. أن الخدمات التي سنقدمها - إن شاء الله - ذات علاقة بـ "الموارد البشرية", فاخترنا الكلمة الثانية من هذا المصطلح... البشرية! (لاحظ أيضا أن حروف الـ H و الـ R, و هي الاختصار لكلمة موارد بشرية باللغة الإنكليزية Human Resources , أو HR, مكتوبة بلون مختلف في اسم المشروع - كما يظهر في الصورة)
  2.  أن الكلمة تكتب باللغة العربية و الإنكليزية بدون أي تعقيدات تصعّب قراءتها
  3. أن الاسم خفيف, شبابي, (كوول يعني بالعامية :)
  4. أن النطاقات domains متاحة لهذا الاسم كموقع رسمي لنا
كالعادة, طالت منا هذه المقالة جدا :(

* فلندخل إلى الواجب العاملي...
مطلوب مساعدتنا في نشر صفحة مشروعنا الجديد (بشرية) على الفيسبوك, و من يفعل ذلك يضرب عصفورين بحجر واحد:
  1. من يبحث عن وظيفة, يساعده في الحصول عليها
  2. من يؤسس مشروعا جديدا (نحن :), يساعده في إنجاح مشروعه :)
و نكمل ما بدأناه إن شاء الله, فتابعونا...

و كتبه...سامح دعبس

-------
[1] جزء من بيت شعر شهير, و تمامه:
من راقبَ الناسَ مات هَمًّا *** وفاز باللذَّةِ الجَسُوْرُ

Sunday, June 2, 2013

كيف تجد أول زبون أو عميل؟ -- الجزء الثاني?How to get your first customer


بسم الله...
ذكرت في الجزء الأول من المقالة مراحل انتشار المنتجات الجديدة, و ضرورة التركيز على شريحة الأسواق المبكرة في بداية المشروع, و أطلقت على هذه الشريحة: المتبنين الأوائل Early Adopters. و هأنذا أكمل الموضوع ...
دراسة جدوى المشروع بعشرة من المتبنين الأوائل
ذكرت في مقالة سابقة أن هناك طريقان لاستهداف الربح: 
1- أن تخطط للربح من اليوم الأول في مشروعك.
2-  أو أن تخطط لاجتذاب زبائن كثر, ثم تكتسب منهم أرباحا فيما بعد. 
كلاهما قد يكون صحيحا, و الجمع بينهما ممكن, لكن عند التعارض, أُفضّل التفكير في الربح من اليوم الأول, و لو فكرت في الثانية فأهم معيار عندي هو كفاية ما معي من مال لتغطية مصاريف فترة ما قبل الربح من الزبائن.
وبناء على هذا المعيار (الربح من اليوم الأول) فإنني أقول: إذا لم تستطع إيجاد 10 زبائن من المتبنين الأوائل, عندهم استعداد لشراء منتجك - الذي لم يولد بعد - إذا وُلد, فلا تتعب نفسك بتنفيذ الفكرة, و ابحث عن فكرة أخرى تتمتع بمقومات الأفكار القابلة للنجاح التي فصلها زين في مقالتي المعدة  و الآيباد!
و اعتبر البحث عن هؤلاء العشرة دراسة لجدوى المشروع. سهلة, أليس كذلك؟!

لماذا لا تجرب هذه الطريقة؟
- لا, لن أبحث عن هؤلاء العشرة لأنني أخشى أن يرفضوا الفكرة؟
فخبرني - بربك - كيف تبني منتجا من غير أن تختبر جدواه؟ و هل تظن أنك ستستطيع الوصول إليهم بعد الانتهاء من المنتج مع أنك لم تحاول الوصول إليهم الآن؟ من لم تستطع الوصول إليه الآن فلن تستطيع الوصول إليه غداً!

- قد حدثتني من قبل عن الأفكار الأورجانيك و التي تعني أن تحل مشكلة شخصية لنفسك, و لذلك لن أبحث عن عشرة؟
هذا صحيح, و هذا يصلح كبداية, و لكنك لن تنتج لنفسك و تبيع لنفسك بقية الوقت, ستبدأ بنفسك نعم, ثم بعد ذلك لابد من زبائن آخرين. و إلا, فخبرني من أين ستنفق على مشروعك؟!

- هناك الملايين الذين يحتاجون منتجي, و لست في حاجة لإيجاد عشرة, أنا فقط أحتاج البدء في التنفيذ!
إن كان هناك ملايين حقا فلن يضرك أن تتحدث إلى عشرة منهم. فإما أنهم غير موجودين أو موجودون و لكنهم لا يحتاجون لمنتجك!

- لكن زبائني لن يقتنعوا من غير أن يروا شيئا يلمسونه بأيديهم؟ و لن تقنعهم النماذج و الرسومات!
إذا لم تستطع شرح فكرتك في 60 ثانية فإما أنها معقدة جدا أو أنك لا تفهمها جيدا, فغالبا لن تحتاج لأكثر من وضوح الفكرة و شرحها بالكلام, و الكلام فقط. و قد تكون النماذج و الرسومات مفيدة و مهمة في بعض الحالات, و سيقبلها هؤلاء العشرة, إذا كانت تحل لهم مشكلة عويصة أو تقدم لهم قيمة عالية يحتاجونها في تعزيز وضعهم الاجتماعي أو المالي (راجع صفاتهم في الجزء الأول من المقالة

- أنا لا أحسن فنون المبيعات و التسويق, و لذلك سأركز على بناء منتج قوي و سأؤجل قرار التربح من المشروع إلى أن يستطيع بيع نفسه بنفسه!
إذا كنت لا تعلم, فهناك الملايين من المنتجات القوية التي لم تحقق أي أرباح!
إذا كنت تحب طريقتنا, فإننا نفضل التركيز على الربح من اليوم الأول, فليس لدينا الكثير من المال لننفقه على الزبائن قبل أن يعود ذلك علينا بالربح!
إذا كنت تبني منتجك لتبيعه و ليس لتتسلى بتنفيذه, فتنفيذ منتج قوي جميل وحده لا يكفي!
إذا لم يقنعك كل ذلك, و كنت تفضل الكلام الإداري الفخم, فاعتبر إيجاد عشرة زبائن جزءا من إدارة المخاطر في مشروعك Risk management, أم تريد أن تقنعني أن إيجاد الزبائن شيئا هامشيا يمكن تأجيله؟!

- و لكني أخشى إن نشرت فكرتي قبل أن أبدأ في تنفيذها أن تُسرق!
كم فكرة كانت حبسية في صدرك لسنوات تخشى أن يطلع عليها الناس ثم اكتشفت أنها قد نُفذت بالفعل و أنت بعدُ لم تفعل شيئا؟!
لن أطيل الكلام في هذه النقطة كثيرا فقد كفاني زين هذا الأمر في مقالة له سابقة.

- إذا, أخبرني من هم العشر زبائن الأول لغوغل Google, و تويتر Twitter, و فيسبوك Facebook؟
يا صديقي, هذه الشركات نجحت نعم, لكن نجاحها بهذه الطريقة هو الاستثناء وليس الأصل, و كما قلت لك من قبل, هناك طريقتان: إما أن تربح من اليوم الأول, أو تجمع الزبائن ثم تبحث كيف تربح منهم بعد ذلك. الطريقة الثانية خطرة جدا, و فرص النجاح فيها ضعيفة جدا, و تحتاج لمال وفير و جهد جهيد. و الطريقة الأولى أيضا عرضة للفشل, لكن أليس تقليل تكلفة الفشل و التعلم منه سريعا أولى من تعظيم تكلفة الفشل و تأخير و قته؟ و هذا ما نسميه: افشل بسرعة Fail Fast!

- و لكن صديقي و أمي و زميلي في العمل أخبروني أن فكرتي ممتازة, ألا يكفي ذلك؟!
هل سمعت بالمثل الشعبي الذي يقول: "القرد في عين أمه غزال"؟
فهل حقا القرد غزال؟؟!!
هناك أسباب كثيرة تجعل رأيهم لا يمثل أي أهمية, كالمجاملة أو سوء التقدير ... إلخ. كل ذلك لا يهم, إنما هناك معيار واحد فقط صحيح في هذه الطريقة, أن يوافقوا على دفع مال لك مقابل هذا المنتج, حتى و إن لم يوجد بعد, بمجرد أن تنتهي من إيجاده!
- و لكن, ما الذي يجعل بعض الناس يغامرون مثل هذه المغامرة, و يوافقون على شراء منتج غير مكتمل, و به مشاكل, و صاحبه شخص مغمور؟!!
حسنا, ألم تسمع بالمثل الشعبي: "نصف العمى خير من العمى الكلي"؟!
قد تكون هذه هي إحدى الإجابات, أناس عندهم مشكلة عويصة, و ليس لديهم حل جيد, و أنت تقدم لهم حلا, و لو جزئيا, و سيتحسن و يكتمل مع الوقت, أليس هذا خير من استمرار معاناتهم المشكلة كما هي؟!
و هؤلاء هم الذين ستستهدفهم بالدرجة الأولى...أناس يقبلون نصف العمى!!
ثم إن كنت تذكر, ذكرنا في الجزء الأول من المقال أن من نستهدفهم قسمان: مبدعون Innovators و  هؤلاء مولعون بكل جديد, خاصة إذا كان مرتبطا بالتقنية, فإذا كان منتجك تقنيا جديدا, فأبشر... ستجد من يهتم لهذا المنتج فقط لكونه جديدا و براقا :)
أما القسم الآخر فهم المتبونون الأوائل Early Adopters و هؤلاء يهتمون بكل ما يعزز مكانتهم الاجتماعية و يساعدهم في أعمالهم, فإن كان منتجك يحل لهم مشكلة تؤرقهم, فأبشر...فرصتك عظيمة - إن شاء الله - :)
الجدير بالتأمل هنا أن تعرف صفات هؤلاء جيدا, و هذه تحتاج لشرح وافٍ, و لذلك سأؤجلها لمقالة لاحقة - إن شاء الله و قدر -

- قد اقتنعت, فأخبرني كيف أصل لهؤلاء العشرة؟!
باتباع أنشطة التسويق التقليدية, مثل...
1- إنشاء صفحة ويب واحدة Landing Pages, و اجتذاب الزوار إليها باستخدام إعلانات جوجل Google Ads مثلا, ثم التواصل مع المهتمين (هذه الطريقة تحتاج لتفصيل, ربما نفعل ذلك لاحقا - إن شاء الله - حينما نشرع في تجربتها)
2- أن يكون لديك موقعا أو مدونة تقدم من خلالها محتوى هادف و تربطها بشبكات التواصل الاجتماعي, و عن طريقها تحاول الوصول لهؤلاء العشرة. و هذه الطريقة نحاول اتباعها في هذه المدونة.
3- أن تحاول البحث عنهم في علاقاتك الاجتماعية, بسؤال الأصدقاء و الأقارب و المعارف ... إلخ, و هذه نعتمد عليها الآن بدرجة كبيرة, و ربما نفصل فيها لاحقا إن شاء الله.
لكن لدي فائدة جديرة بالاعتبار في هذه الحالة, أفادني بها أحد أصدقائي المتخصصين في المبيعات, قال لي: الثعالب تبيع للثعالب Foxes sell to foxes
ثم شرحها بقوله, أنك حين تبحث عن زبون فابحث عن شخص له سلطة اتخذا قرار الشراء decision maker أو شخص له تأثير على صانع القرار. فلا تضيع وقتك مع غير هؤلاء أثناء البحث!
4- طرق أخرى...
هذا دورك, دلنا عليها لنستفيد منك :D


- و لكن, كيف أقيس قبولهم للفكرة و أنهم لم يجاملوني, و كيف أتأكد أنهم سيدفعون لشراء هذا المنتج عندما يوجد, و ماذا أقول لهم, و كيف أعرض عليهم الفكرة؟ و .. و ... و ...؟
هذه قصة أخرى, و أرجو أن يوفقنا الله لعرضها قريبا, فادعوا لنا :)

أمثلة...
حقيقة , أول من عرفني هذه الطريقة هو اليهودي "جيسون  كون Jason Cohn" في مدونته الهامة و ذكر أنه يفعل ذلك دائما, بل يزيد أنه لا يبدأ في تنفيذ أي مشروع قبل أن يكون لديه 50 زبونا!!!
و كذلك "آش موريا Ash Maurya" مؤلف الكتاب البديع Running Lean (أنصحكم بقراءته بشدة) يذكر في كتابه أحد المنتجات التي لم يبدأ في تنفيذها قبل أن يحصل على 100 زبون ( و لعله ذكر أكثر من منتج, لكني أتذكر واحدا منهم الآن).

و لا تسعفني الأمثلة العربية الآن, و لعل الله ييسر و نكون مثالا حيا على هذه الطريقة, فادعوا لنا :D

- معنى الجملة السابقة أن كلامكم هذا نظري و لم تجربوا هذه الطريقة؟!!

ذكرت لكم في مقالى الأفكار الأورجانيك أنني أريد شيئا يساعدني في تربية بناتي, مع تقليل الاعتماد على أساليب التلقي ذات الاتجاه الواحد (التليفزيون و الرسوم المتحركة) بل أريد شيئا تفاعليا يستمتع به الأطفال و يتعلمون ما يفيدهم.

فوضعنا افتراضا أن أصحاب الحضانات (أو دور رياض الأطفال) هم المتبنون الأوائل لفكرتنا, و ذهبنا نتواصل معهم, لكن المؤشرات الأولية نبأت أن هذه الفكرة ممكنة, لكن لتنجح فعلينا التغلب على مصاعب عديدة قد تستغرق وقتا و جهدا كبيرا, لكننا لاحظنا مشكلة أخرى تؤرق أصحاب الحضانات و يشترك فيها الكثير من أصحاب الأعمال الصغيرة و المتوسطة, فبدأنا نبحث عن متبنين أوائل لحل هذه المشكلة إن قدمنا حلا لها, و بالفعل وصلنا لبعض الأفراد الذين قبلوا شراء المنتج, بالرغم من أننا لم نبدأ في تنفيذه بعد! و لازلنا نبحث عن بقية العشرة.

تأمل كيف قادنا البحث عن عشر زبائن إلى الفشل السريع رخيص التكلفة, فلم نبدأ في تنفيذ المشروع بعد؟؟!!

ساعدنا :D
فمن كان يملك مشروعا صغيرا (حضانة, شركة صغيرة, مدرسة, معرض ملابس, معرض سيارات, مكتب تسويق عقاري, ... أي مشروع صغير أو متوسط) أو يمكنه إيصالنا بمن يملك هذا المشروع, فليتواصل معنا - فضلا لا أمرا - لأننا في مرحلة البحث عن 10 زبائن قبل البدء في تنفيذ فكرتنا :) 

للتواصل معنا
بريد إلكتروني
فيسبوك
تويتر

صديقي رائد الأعمال...
لن أخدعك و أقول لك أن هذه الطريقة سهلة في الوصول للزبائن, لكن بالتأكيد هي ممكنة, فقط قم من مكانك و اخرج إلى السوق و ابحث عنهم, و ستجدهم - إن شاء الله - 
و لكي تحصل على 10 زبائن ربما ستحتاج للتحدث إلى  30 زبونا محتملا, و ربما أكثر أو أقل, لكن تأمل لو تحدثت إلى عشرة أشخاص و كلهم رفضوا قبول منتجك, أليس هذا مؤشرا قويا على ضعف الفكرة؟! و العكس صحيح, لو تحدثت إلى عشرة فقط و كلهم أو أكثرهم وافق على شراء المنتج إذا اكتمل, أليس هذا مؤشرا قويا على قابلية الفكرة للنجاح؟!
فقط استعن بالله, و ابدأ الآن ... الآن!

الخلاصة
- قم من مكانك الآن, و ابحث عن 10 أشخاص يوافقون على شراء منتجك حينما يكتمل, حتى و إن  لم تكمله بعد, و اعتبر ذلك دراسة جدوى المشروع.
- إذا فشلت في الوصول لهؤلاء العشرة, فاعتبر ذلك من استراتيجية الفشل السريع Fail fast التي نتبناها (إن كنت لا محالة فاشل, فعجل بهذا الفشل ليكون رخيصا و لا يستنفذ مالك و جهدك).
- ركز على الربح من اليوم الأول, فإنه أحفظ لمالك و جهدك.
- دلنا على طرق إضافية للوصول للزبائن المحتملين قبل البدء في تنفيذ الفكرة.
- ساعدنا في الوصول لأول زبائن :D
 للتوسع

 و كتبه... سامح دعبس

Sunday, May 26, 2013

كيف تجد أول زبون أو عميل؟ -- الجزء الأول ?How to get your first customer


بسم الله...
من أصعب الأسئلة التي كانت تدور في ذهني و تعيقني عن البدء في تأسيس شركتي الخاصة: كيف أجد أول زبون لمنتجي؟ خاصة و أن كل خبرتي تنصب في الجانب الفني/التقني, و ليس لي كثير خبرة في المبيعات أو التسويق!
من هم في مثل حالتي عادة يفكرون بالطريقة الآتية: ابن منتجك, مهما استغرق من وقت و تكاليف, ثم بعد ذلك ابحث عن الزبائن بنفسك أو حاول الاستعانة بشخص آخر خبير في المبيعات و التسويق. و الظن أن ما دام المنتج جيدا فإنه سيبيع نفسه بنفسه - نعم, يركز الفنيون على الخصائص الفنية, و لا يلقون بالا بالجانب الآخر المهم: من سيشتري منتجي؟ و كيف أصل إليهم؟ و أهم سؤال, هل حقا يريد الناس هذا المنتج؟!

هذه الطريقة في التفكير يحيط بها العديد من المخاطر:
- أنك تظن أن منتجك يريده الناس, و قد يكون ذلك مضادا للواقع تماما
- ربما تكتشف أن الناس يريديونه فعلا, لكنك حشرته بالعديد من الخصائص التي لا يريدها أحد, و استغرق منك ذلك وقتا و مالا
- أن الانكفاء على النفس و بناء منتجات في الحجرات المظلمة من غير التواصل مع الزبائن سيستغرق وقتا كثيرا, و ربما يعرضك ذلك للإفلاس قبل أن تتم بناء منتجك, خاصة من الاعتقاد الخاطيء - في أغلب الأحوال, خاصة مع الشركات الناشئة - أن الخصائص الكثيرة التي يقدمها منتجك هي ما سيؤهله لاختراق الأسواق, و بالتالي ستدخل في دوامة لا تنتهي من إضافة الخصائص لمنتجك, تستنفذ كل وقتك و مالك, و لا تنتهي إلا بالوصول لطريق مسدود!
هل علمت الآن, لماذا تفشل معظم الشركات الناشئة؟

إذا, ما العمل؟
الجواب في جملة واحدة: لا تبدأ في تنفيذ منتجك قبل أن يكون لديك 10 زبائن يخبروك أنهم سيدفعون لك مبلغ كذا إذا انتهيت من تنفيذ المنتج!!

و لكن أين أجد هؤلاء العشرة الذين يشترون السمك في الماء؟!
مرحبا بك في كوكب الأعمال, هذا هو موضوع مقالتنا... فتابع معنا :D

مراحل تقبل أو تبني المنتجات الجديدة
يتبنى الناس أو يتقبلون المنتجات الجديدة على دفعات زمنية, قسمهم إيفريت روجرز  Everett M. Rogers في نظريته الشهيرة: انتشار الإبداع Diffusion Of Innovation إلى خمسة دفعات:
  1. المبدعون (2.5%) Innovators – هؤلاء من طبقات اجتماعية عالية, و صغر سنهم و وفرة أموالهم و ولعهم بالجديد - خاصة التقنيات الجديدة - يؤهلهم لتحمل درجة عالية من المخاطرة في أن يكونوا أول من يشتري و يقتني الأشياء الجديدة. يمكن إطلاق لقب "هواة التقنية Technology Enthusiasts" على هذه الدفعة.
  2. المتبنون الأوائل (13.5%) Early Adopters– بمجرد أن تظهر فائدة الفكرة أو المنتج الجديد على أيدي المبدعين, يتبناها أهم دفعة: المتبنون الأوائل, و هؤلاء يمكن اعتبارهم قادة الرأي opinion leaders لكل الدفعات التالية. يتميزون بصغر السن, و تشعب العلاقات الاجتماعية, و الحالة المادية المرتفعة. لا يقبلون الجديد لمجرد كونه جديدا - مثل الدفعة الأولى - , بل لأنه سيفيدهم في التقدم في حياتهم الشخصية أو الاجتماعية و في أعمالهم. يمكن إطلاق لقب "الحالمين Visionaries" على هذه الدفعة.
  3. الأغلبية المبكرة (34%) Early Majority– هؤلاء لا يحبون المخاطرة, بل يحبون الأشياء المعروفة, المجربة, المأمونة, المضمونة, ذات السمعة الطيبة. يمكن إطلاق لقب "العمليين Pragmatists" على هذه الدفعة.
  4. الأغلبية المتأخرة(34%) Late Majority– هؤلاء يكرهون المخاطرة, مترددون, متحفظون تجاه كل جديد. غالبا يكونون من كبار السن.لا يتأثرون كثيرا بالمتبنين الأوائل, إنما يشكل ضغط المجتمع و المحيطين أهم وسيلة لتبني أو تقبل المنتج الجديد. و إذا اعتادوا على منتج يحقق لهم أغراضهم فإنهم قلما يبحثون عن بديل له. و إذا اشتروا شيئا يشترون من المحال و الشركات الكبيرة و المعروفة. يمكن أن نطلق لقب "المحافظين Conservatives" على هذه الدفعة.
  5. المتلكئون (16%) Laggards–هؤلاء يتميزون بكبر السن و ضيق العلاقات الاجتماعية, و قلة الاعتداد بالتقنية. .يمكن أن نطلق لقب "المتشككين Skeptics" على هذه الدفعة.
هذه التقسيمة استخدمها فيما بعد جيوفري مور Geoffrey A. Moore  في كتابه الشهير: اجتياز الفجوة Crossing the chasm (هذا الرابط فيه ملخص للكتاب للأهمية) حيث ذكر أن هناك فجوة بين كل دفعتين من المتبنين تتمثل في طريقة التفكير و معايير الاختيار, و على صاحب الفكرة أو المنتج أن يستهدف بالتسويق دفعة واحدة من الخمسة و يركز عليها, ثم ينطلق منها إلى الدفعة التالية (لاحظ أن نسبة كل دفعة تعينك على تقدير حجم الدفعة التي تليها), و ذكر أن أكبر فجوة هي تلك التي بين المتبنين الأوائل early adopters و الأغلبية المبكرة early majority, و اجتياز هذه الفجوة هو الذي يحدد نجاح المنتج من فشله.
و بناء على ذلك فيمكننا أن نختصر الدفعات إلى دفعتين: الأسواق المبكرة أو الأولية Early Markets  تشمل المبدعين و المتبنين الأوائل) و عامة الأسواق  Mainstream Markets ( تشمل الأغلبية المبكرة, و الأغلبية المتأخرة, و المتلكئين). و بين هاتين الدفعتين فجوة Chasm يجب اجتيازها لنجاح المشروع.

مِنْ سيشترون السمك في الماء؟
حسنا, في بداية المشروع لن نركز كثيرا على عبور هذه الفجوة, إنما ستركز على كيفية الوصول  للأسواق الأولية, التي تشمل المبدعين و المتبنين الأوائل- كما نصحَنا جيوفري مور- و هؤلاء هم أول زبائن لمنتجك الجديد, و هم هم الذين سيشترون السمك في الماء - كما قلت لك في بداية المقالة - !
 و هؤلاء سنتساهل قليلا و نطلق عليهم مجتمعين: المتبنون الأوائل Early Adopters.

لماذا نركز على هؤلاء فقط في البداية؟
ذكرت في تعليق سابق على مقالة زين: المعدة طريقك إلى النجاح, أن مقومات نجاح أي فكرة تتلخص في 3 عناصر:
1- أن تشبع حاجة (قد تكون الحاجة حل مشكلة ضاغطة, أو ترفيه, أو حاجة عاطفية أو غير ذلك), فليس شرطا أن تحل مشكلة.
2- أن هذه الحاجة يحتاجها الكثير من الناس.
3- أن من يحتاجها يحتاجها كل يوم.
و أفضل مثال سمعته عن ذلك هو الخبز! الخبز يشبع حاجة الجوع, لكل الناس, و يحتاجونه كل يوم!
المقومات 2 و 3 يمكن الاستعاضة عنهما بشريحة من العملاء قليلة لكن قوتها الشرائية كبيرة أو ما يُسمى نيش niche
, و هذه هي شريحة العملاء الذين سنستهدفهم في بداية المشروع, أو هم المتبنون الأوائل Early Adopters الذين نحاول الوصول إليهم, و إليكم الأسباب...

1- أن هؤلاء يمثلون القادة لشرائح السوق التي تليهم, و آراؤهم تعتبر مرجعا الشرائح الأخرى حول المنتج.
2- هذه المجموعة من الزبائن تمثل حوالي 16% من السوق فقط. قد تظن أن هذه سلبية, لكن العكس هو الصحيح, لأنهم - كما قلت في النقطة الأولى - هم القادة, ثم لأنك لن تستطيع أن تشبع رغبات كل الناس المتنوعة في نفس الوقت, بل ينبغي التركيز على رغبات قليلة في البداية حتى لا يتشتت جهدك و مالك ثم تتوسع فيما بعد بإضافة رغبات الشرائح الأخرى من السوق...شريحة بعد شريحة.
3- أن هؤلاء تهمهم القيمة أكثر من السعر, فإذا كانت القيمة التي تقدمها لهم تهمهم و تؤثر إيجابيا في حياتهم و أعمالهم فإنهم لن يبخلوا  في شراء منتجك, لأنهم مرتاحون ماديا.


قد طالت المقالة مني جدا, و لا زال فيها الكثير, و لذلك سأكملها في مقالة تالية - إن شاء الله - تجدون فيها...
- دراسة جدوى المشروع عن طريق عشرة من شريحة الأسواق البكرة

- كيف نصل لهؤلاء العشرة
- التركيز على الربح من اليوم الأول
...
و غير ذلك - إن شاء الله - فتابعونا ...

للتوسع, أقترح قراءة ملخص كتاب عبور الفجوة Crossing the Chasm (بالإنكليزية)

كتبها ... سامح دعبس

Tuesday, April 23, 2013

لا تكتب خطة عمل! Don't write a business plan

لا تكتب خطة عمل Don't write business plan

بسم الله...
إذا كنت مبتدئا في عالم الأعمال, و أردت أن تبدأ, و وجدت الفكرة الطبيعية "الأورجانيك" التي تستطيع أن تنطلق منها, فلاشك أن الخطوة التالية هي تجهيز خطة العمل, فقد سمعت مرارا جملا شهيرة مثل:
إذا فشلت في التخطيط, فإنك حتما تخطط للفشل
If you fail to plan, you plan to fail!
أليس كذلك؟
بلى, هو كذلك, فكيف أجهز هذه الخطة؟
حسنا, الخطة التي تبحث عنها تسمى خطة عمل business plan, و لكي تقوم بها فأول خطوة أن تبحث عن بعض نماذج الإكسيل Microsoft Excel المتاحة مجانا على الإنترنت, و تملأها بالأرقام و المعلومات, و بذلك تكون قد حصلت على الخطة المطلوبة!
مهلا.. و لكني لا أعرف شيئا عن علم المحاسبة و من أين سأحصل على مصادر لكل هذه الأرقام (حجم السوق, الميزانية, قائمة الدخل, قائمة التدفق النقدي...إلخ)
ممممم ... إذا, عليك أن تتعلم كل ذلك أولا!
تعلمته, و لازال هناك بعض الأرقام لم أعرف كيف أملؤها؟
استعن بمتخصص
لا أعرف أحدا, و ليس لدي من المال ما يكفي لإجراء أبحاث السوق!
إذا, اكتب أي شيء, اكتب كيف تتوقع أن يسير مشروعك خلال الفترة المقبلة, و اجعل الأرقام تبدو منطقية!
.... 
(بعد عدة أسابيع)
...
قد فعلت, و تبقى بعض الأشياء التي لم أستطع أن أكتب فيها شيئا
لا يضر, يكفي هذا, هيا ابدأ...
لكن التكلفة عالية جدا, و احتاج لرأس مال كبير, و لا أملك كل ذلك!
ابحث عن مستثمر
بحثت و لم أجد! يبدو أنني لن أستطيع أن أكمل في هذا المشروع, و سأحاول التعايش مع نكد الوظيفة :(
....
لحظة عزيزي القاريء, ما قرأته للتو هو سيناريو تخيلي, حدث جزء كبير منه معي, و ربما مع كثير من الناس!
دعني ألخص لك أهم المشكلات التي تعترض بناء خطط الأعمال لتدرك المغزى من هذه المقالة...
1- أنك ليس لديك ما يكفي من العلوم لبناء خطة الأعمال, و تعلم هذه الأمور سيكلفك الكثير من الوقت الآن (راجع حديثنا عن ماجستير إدارة الأعمال MBA, فهذه العلوم تندرج تحت نفس البند)
2- أنك في سبيل إكمال الخطة, ستضطر لتخمين و وضع أرقام صورية بعيدة عن الواقع, و هذا هو أحد الأسباب الشهيرة في فشل المشروعات الناشئة! فإذا كانت الخطة توقع لخمس سنوات مقبلة, فقد زاد الطين بلة, ففي هذه الخمس سنوات يموت أناس و تغلق شركات و يدخل منافسون جدد, و تتغير أسواق بالكلية, فكيف تضع كل هذا اليقين في وسط كل هذه المتغيرات؟!!
3- أن الوقت الذي ستحتاجه لكتابة خطة الأعمال قد يمتد من بضعة أيام - إذا كنت متمرسا و لديك كل المعلومات التي تحتاجها - إلى بضعة أسابيع - إذا كنت مبتدئا - و هذا الوقت لو أنفقته في بناء المشروع لكان خيرا لك!
4- أنك ستكتب عشرات الصفحات في هذه الخطة!
5- أن المستثمرين يصرون على كتابة خطة الأعمال, ثم لا يقرأونها, إنما يطلبون ذلك منك لإثبات الجدية, و بعض الأبحاث التي تقوم بها مفيدة بالفعل, و لكن ليس كلها الآن هو ما تحتاجه لتأسيس شركتك!
6- أن ما تكتبه في خطة العمل لا يعدو أن يكون توقعات و تخمينات و أمنيات, فإذا ضممت هذا إلى معرفتك أن الشركات الناشئة تتمتع بنسب عالية من اللايقين في النجاح uncertainty, علمت لماذا تفشل معظم الشركات الناشئة, خاصة إذا كانت في مجال تكنولوجيا الأعمال, فإن نسبة الفشل تصل لـ 90% !!!
و تبقى الحقيقة التي أجمع عليها المجربون - فيما أعلم - أن الواقع يختلف كثيرا عن ما خططت له!
Things don’t go as planned!

إذا ما البديل؟
البديل أن تكون خطتك الوحيدة هي التعلم بالممارسة!
The only plan is to learn as you go!
و ذلك لأن نجاح الشركات الناشئة يحدث بالتجربة و الخطأ trial and error, و ليس بالخطط المحكمة! 
و لا تستخدم إلا ما يعينك على هذه الخطة, و أول ما نقترحه في هذا الأمر أن تكتب نموذج أعمال Business Model لا خطة أعمال Business Plan, و إليك بعض خصائص نموذج الأعمال لتدرك الفارق بين الاثنين...
1- نموذج العمل يوضح دورة عمل المشروع كاملة في صفحة واحدة, جرى العرف على تسميتها لوحة نموذج الأعمال Business Model Canvas
2- نموذج العمل لا يستغرق أكثر من 15 دقيقة لكتابته! و لا ستغرق أكثر من عدة دقائق لتعديله!
3- ستبقى كل الأرقام عن حجم السوق و توجهات الزبائن مفيدة, لكننا سنضع معيارا مختلفا في دراسة جدوى المشروع, سنلخصه الآن و لعل الله يقدر التفصيل فيه لاحقا إن شاء و قدر, و هو - باختصار - أن تستطيع أن تحصل على 10 زبائن, عندهم الاستعداد لشراء منتجك قبل أن تبدأ العمل فيه!
4- أن نموذج الأعمال صار مقدمة ضرورية لكتابة خطة العمل كاملة, إذا احتجت إليها لتقدمها للمستثمرين مثلا [الذين لا يقرأونها بالمناسبة!]
5- أن هذه الطريقة تتبع المبدأ الذي نعتقد صوابه, و هو أنك إذا كنت لا محالة ستفشل, فلا تقاوم الفشل بل عجل به
Fail Fast
و بالطبع ليس المعنى الاستسلام للفشل, بل المعنى أن تكون التجربة أرخص ما يكون, و تعطي أكبر دروس مستفادة تساعد في تحسين نتيجة التجربة التالية, و هكذا تُكرر التجارب إلى أن تصل إلى نموذج الأعمال الذي يمكن تكراره
Repeatable business model, و عندها تتحول من شركة ناشئة لشركة قائمة!


ثم ماذا؟
هذه المقالة هي بداية لسلسلة خطوات عملية نتحدث فيها عن بناء نماذج الأعمال. المقالة التالية سنتحدث فيها بإيجاز عن أجزاء هذا النموذج, ثم نفصل كل جزء على حدة في مقالة منفصلة - إن شاء الله و قدر - 

فانتظرونا... :)

مقالات تكمل الصورة (بالإنجليزية)
Why Entrepreneurs Shouldn’t Write Business Plans


و كتبه...سامح دعبس

Monday, April 15, 2013

إذا أردت لفكرتك النجاح .... فهذه نصيحتي لك


بعد أن تكلمنا عن الافكار في أكثر من تدوينة سابقة 1 و 2  و 3  و 4 

اليوم نهدي اليك نصيحة ذهبية إذا أردت لفكرتك النجاح

وهي نصيحة لرجل مجرب كتب الله لفكرته النجاح بمقاييس الأفكار الناجحة - ننقل هنا النصيحة بغض النظر عن أي خلاف لي أو لغيري مع شخصية الأستاذ / حسن البنا رحمه الله ففكرته حققت النجاح وفقا للمقايس التي ينظَّر لها رواد إدارة الأفكار والمشروعات الناجحة - فأصبح لها محبين وتابعين في كل أرجاء الدنيا

 وهو يلخص في نصيحته مواصفات أساسية لنجاح الفكرة يجب أن تكمن في صاحبها فيقول :

"إنما تنجح الفكرة : إذا قوي الإيمان بها ، وتوفر الإخلاص في سبيلها ، وازدادت الحماسة لها ، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها "
تلك النصيحة هي عصارة تجربة بل تجارب لكثير من أصحاب الأفكار في الدنيا من مختلف الجنسيات والبلدان والعقائد 
والغايات

فبدون إيمان بالفكرة أو العمل لها بإخلاص أو افتقاد الحماس والسعي لنجاحها فكيف سيكتب لها نجاح

وكما يقول الشيخ : 
محمد الغزالي- رحمه الله - "إن المجد والنجاح والإنتاج تظل أحلاماً لذيذة في نفوس أصحابها وما تتحول حقائق حية إلا إذا نفخ فيها العاملون من روحهم ووصلوها بما في الدنيا من حس وحركة"

الواجب العملي 

إذا كنت صاحب فكرة تريد لها النجاح فتأكد من توفر تلك الشروط بك
وإن لم تجدها فعليك بتحصيلها فورا ..... ونتمني لك النجاح دوما

زين 

Wednesday, April 3, 2013

عن اللذين باعوا الجبنة بالبدل والكرافاتات !!!



لي صديق كان يعمل في مجال مبيعات العقارات ...


وكان له تجربة فريدة رغم بساطة الفكرة 

تشارك هو وزميل له في العمل في مشروع توزيع أنواع الجبنة المختلفة على المحال والبقالات !!!

كسبوا أحيانا وخسروا أحيانا أخرى ...ولكنهم تعلموا الكثير والكثير 

وليس هذا هو الجديد في القصة

وإنما الجديد في القصة يذكره لي بلسانه فيقول :

التجار كانوا مستغربين شكلنا وطريقة تعاملنا الشيك جدا وملابسنا المهندمة " البدل والكرافتات " !!!

ربما ظن بعضهم أننا مفتشين ضرائب ثم يفاجأ بأننا نوزع الجبنة !!:)

كانوا مستغربين كل هذا على شغلانة توزيع الجبنة !!!

وكانوا بيقارنوا بيننا وبين الناس التانية اللي بيشتغلوا في نفس الشغلانه !!

التجار كانوا بيشتروا مننا استغرابا للموقف وكإن لسان حالهم :
 ما تيجي نشتري من الناس ولاد الناس النضيفة دول !!!

بالرغم من إننا كنا نبيع بسعر أزيد من السوق بحوالي 10 % ....


الخلاصة : 


لا يشترط في الجديد الذي تريد ان تقدمه للناس أن يكون منتجا جديدا لا يوجد في السوق إلا بحوذتك

ولكن قد يكون معاملة راقية وابتسامة وتعامل نظيف بينك وبين عميلك !!!

كتبها للمدونة : أ/ أحمد لطفي