Sunday, May 26, 2013

كيف تجد أول زبون أو عميل؟ -- الجزء الأول ?How to get your first customer


بسم الله...
من أصعب الأسئلة التي كانت تدور في ذهني و تعيقني عن البدء في تأسيس شركتي الخاصة: كيف أجد أول زبون لمنتجي؟ خاصة و أن كل خبرتي تنصب في الجانب الفني/التقني, و ليس لي كثير خبرة في المبيعات أو التسويق!
من هم في مثل حالتي عادة يفكرون بالطريقة الآتية: ابن منتجك, مهما استغرق من وقت و تكاليف, ثم بعد ذلك ابحث عن الزبائن بنفسك أو حاول الاستعانة بشخص آخر خبير في المبيعات و التسويق. و الظن أن ما دام المنتج جيدا فإنه سيبيع نفسه بنفسه - نعم, يركز الفنيون على الخصائص الفنية, و لا يلقون بالا بالجانب الآخر المهم: من سيشتري منتجي؟ و كيف أصل إليهم؟ و أهم سؤال, هل حقا يريد الناس هذا المنتج؟!

هذه الطريقة في التفكير يحيط بها العديد من المخاطر:
- أنك تظن أن منتجك يريده الناس, و قد يكون ذلك مضادا للواقع تماما
- ربما تكتشف أن الناس يريديونه فعلا, لكنك حشرته بالعديد من الخصائص التي لا يريدها أحد, و استغرق منك ذلك وقتا و مالا
- أن الانكفاء على النفس و بناء منتجات في الحجرات المظلمة من غير التواصل مع الزبائن سيستغرق وقتا كثيرا, و ربما يعرضك ذلك للإفلاس قبل أن تتم بناء منتجك, خاصة من الاعتقاد الخاطيء - في أغلب الأحوال, خاصة مع الشركات الناشئة - أن الخصائص الكثيرة التي يقدمها منتجك هي ما سيؤهله لاختراق الأسواق, و بالتالي ستدخل في دوامة لا تنتهي من إضافة الخصائص لمنتجك, تستنفذ كل وقتك و مالك, و لا تنتهي إلا بالوصول لطريق مسدود!
هل علمت الآن, لماذا تفشل معظم الشركات الناشئة؟

إذا, ما العمل؟
الجواب في جملة واحدة: لا تبدأ في تنفيذ منتجك قبل أن يكون لديك 10 زبائن يخبروك أنهم سيدفعون لك مبلغ كذا إذا انتهيت من تنفيذ المنتج!!

و لكن أين أجد هؤلاء العشرة الذين يشترون السمك في الماء؟!
مرحبا بك في كوكب الأعمال, هذا هو موضوع مقالتنا... فتابع معنا :D

مراحل تقبل أو تبني المنتجات الجديدة
يتبنى الناس أو يتقبلون المنتجات الجديدة على دفعات زمنية, قسمهم إيفريت روجرز  Everett M. Rogers في نظريته الشهيرة: انتشار الإبداع Diffusion Of Innovation إلى خمسة دفعات:
  1. المبدعون (2.5%) Innovators – هؤلاء من طبقات اجتماعية عالية, و صغر سنهم و وفرة أموالهم و ولعهم بالجديد - خاصة التقنيات الجديدة - يؤهلهم لتحمل درجة عالية من المخاطرة في أن يكونوا أول من يشتري و يقتني الأشياء الجديدة. يمكن إطلاق لقب "هواة التقنية Technology Enthusiasts" على هذه الدفعة.
  2. المتبنون الأوائل (13.5%) Early Adopters– بمجرد أن تظهر فائدة الفكرة أو المنتج الجديد على أيدي المبدعين, يتبناها أهم دفعة: المتبنون الأوائل, و هؤلاء يمكن اعتبارهم قادة الرأي opinion leaders لكل الدفعات التالية. يتميزون بصغر السن, و تشعب العلاقات الاجتماعية, و الحالة المادية المرتفعة. لا يقبلون الجديد لمجرد كونه جديدا - مثل الدفعة الأولى - , بل لأنه سيفيدهم في التقدم في حياتهم الشخصية أو الاجتماعية و في أعمالهم. يمكن إطلاق لقب "الحالمين Visionaries" على هذه الدفعة.
  3. الأغلبية المبكرة (34%) Early Majority– هؤلاء لا يحبون المخاطرة, بل يحبون الأشياء المعروفة, المجربة, المأمونة, المضمونة, ذات السمعة الطيبة. يمكن إطلاق لقب "العمليين Pragmatists" على هذه الدفعة.
  4. الأغلبية المتأخرة(34%) Late Majority– هؤلاء يكرهون المخاطرة, مترددون, متحفظون تجاه كل جديد. غالبا يكونون من كبار السن.لا يتأثرون كثيرا بالمتبنين الأوائل, إنما يشكل ضغط المجتمع و المحيطين أهم وسيلة لتبني أو تقبل المنتج الجديد. و إذا اعتادوا على منتج يحقق لهم أغراضهم فإنهم قلما يبحثون عن بديل له. و إذا اشتروا شيئا يشترون من المحال و الشركات الكبيرة و المعروفة. يمكن أن نطلق لقب "المحافظين Conservatives" على هذه الدفعة.
  5. المتلكئون (16%) Laggards–هؤلاء يتميزون بكبر السن و ضيق العلاقات الاجتماعية, و قلة الاعتداد بالتقنية. .يمكن أن نطلق لقب "المتشككين Skeptics" على هذه الدفعة.
هذه التقسيمة استخدمها فيما بعد جيوفري مور Geoffrey A. Moore  في كتابه الشهير: اجتياز الفجوة Crossing the chasm (هذا الرابط فيه ملخص للكتاب للأهمية) حيث ذكر أن هناك فجوة بين كل دفعتين من المتبنين تتمثل في طريقة التفكير و معايير الاختيار, و على صاحب الفكرة أو المنتج أن يستهدف بالتسويق دفعة واحدة من الخمسة و يركز عليها, ثم ينطلق منها إلى الدفعة التالية (لاحظ أن نسبة كل دفعة تعينك على تقدير حجم الدفعة التي تليها), و ذكر أن أكبر فجوة هي تلك التي بين المتبنين الأوائل early adopters و الأغلبية المبكرة early majority, و اجتياز هذه الفجوة هو الذي يحدد نجاح المنتج من فشله.
و بناء على ذلك فيمكننا أن نختصر الدفعات إلى دفعتين: الأسواق المبكرة أو الأولية Early Markets  تشمل المبدعين و المتبنين الأوائل) و عامة الأسواق  Mainstream Markets ( تشمل الأغلبية المبكرة, و الأغلبية المتأخرة, و المتلكئين). و بين هاتين الدفعتين فجوة Chasm يجب اجتيازها لنجاح المشروع.

مِنْ سيشترون السمك في الماء؟
حسنا, في بداية المشروع لن نركز كثيرا على عبور هذه الفجوة, إنما ستركز على كيفية الوصول  للأسواق الأولية, التي تشمل المبدعين و المتبنين الأوائل- كما نصحَنا جيوفري مور- و هؤلاء هم أول زبائن لمنتجك الجديد, و هم هم الذين سيشترون السمك في الماء - كما قلت لك في بداية المقالة - !
 و هؤلاء سنتساهل قليلا و نطلق عليهم مجتمعين: المتبنون الأوائل Early Adopters.

لماذا نركز على هؤلاء فقط في البداية؟
ذكرت في تعليق سابق على مقالة زين: المعدة طريقك إلى النجاح, أن مقومات نجاح أي فكرة تتلخص في 3 عناصر:
1- أن تشبع حاجة (قد تكون الحاجة حل مشكلة ضاغطة, أو ترفيه, أو حاجة عاطفية أو غير ذلك), فليس شرطا أن تحل مشكلة.
2- أن هذه الحاجة يحتاجها الكثير من الناس.
3- أن من يحتاجها يحتاجها كل يوم.
و أفضل مثال سمعته عن ذلك هو الخبز! الخبز يشبع حاجة الجوع, لكل الناس, و يحتاجونه كل يوم!
المقومات 2 و 3 يمكن الاستعاضة عنهما بشريحة من العملاء قليلة لكن قوتها الشرائية كبيرة أو ما يُسمى نيش niche
, و هذه هي شريحة العملاء الذين سنستهدفهم في بداية المشروع, أو هم المتبنون الأوائل Early Adopters الذين نحاول الوصول إليهم, و إليكم الأسباب...

1- أن هؤلاء يمثلون القادة لشرائح السوق التي تليهم, و آراؤهم تعتبر مرجعا الشرائح الأخرى حول المنتج.
2- هذه المجموعة من الزبائن تمثل حوالي 16% من السوق فقط. قد تظن أن هذه سلبية, لكن العكس هو الصحيح, لأنهم - كما قلت في النقطة الأولى - هم القادة, ثم لأنك لن تستطيع أن تشبع رغبات كل الناس المتنوعة في نفس الوقت, بل ينبغي التركيز على رغبات قليلة في البداية حتى لا يتشتت جهدك و مالك ثم تتوسع فيما بعد بإضافة رغبات الشرائح الأخرى من السوق...شريحة بعد شريحة.
3- أن هؤلاء تهمهم القيمة أكثر من السعر, فإذا كانت القيمة التي تقدمها لهم تهمهم و تؤثر إيجابيا في حياتهم و أعمالهم فإنهم لن يبخلوا  في شراء منتجك, لأنهم مرتاحون ماديا.


قد طالت المقالة مني جدا, و لا زال فيها الكثير, و لذلك سأكملها في مقالة تالية - إن شاء الله - تجدون فيها...
- دراسة جدوى المشروع عن طريق عشرة من شريحة الأسواق البكرة

- كيف نصل لهؤلاء العشرة
- التركيز على الربح من اليوم الأول
...
و غير ذلك - إن شاء الله - فتابعونا ...

للتوسع, أقترح قراءة ملخص كتاب عبور الفجوة Crossing the Chasm (بالإنكليزية)

كتبها ... سامح دعبس