Thursday, May 15, 2014

العب بعيداً


بسم الله...

لي صديق مبرمج, قد سئم الوظيفة, و قرر أن يبدأ مشروعه الخاص, و تحديدا في مجال تطوير برمجيات الهواتف الجوالة Mobile application, و قد اختار هذا المسار للأسباب الآتية:
1- لأن الإنسان يقضي أوقاتا طويلة مع هاتفه, و لذلك فصناعة المال في مجال تكنولوجيا الأعمال تتجه بشدة إلى الاستفادة من هذه المعلومة
2- لأنه ليس لديه خبرة في الأعمال, و أسهل طريق للمبرمجين هو تطوير برمجيات للهواتف الجوالة, ذلك لأن صنّاع نظم التشغيل الرئيسية (أي أو إس iOS و أندرويد Android) لديهما أسواق تتيح للمبرمجين عرض و بيع برامجهم مقابل نسبة من الربح. الفكرة عبقرية: السوق يوفر لك مكانا لعرض منتجك لتتفرغ أنت لتطوير البرامج! 
3- لأن نموذج الأرباح كذلك بسيط جدا, و عملي جدا: فبدلا من أن تنتج برامج كبيرة, تستغرق منك أشهرا عديدة لإنتاجها, ثم تبيعها بسعر مرتفع فلا يشتريها منك إلا قليل من الناس, بدلا من ذلك تنتج برامج صغيرة, لا تستغرق منك وقتا طويلا لإنتاجها, فتبيعها بسعر منخفض (في الغالب لا تتجاوز دولارا واحدا!), فيشتريها منك كثير من الناس, و يكون لديك متسع من الوقت فتنتج برامج أكثر, فلو فشل أحدها أو عاد إليك بربح قليل, ستعوضك البرامج الأخرى! و هذه الاستراتيجية تسمى استراتيجية الذيل الطويل Long Tail (لعلنا نتحدث عنها بالتفصيل في مقالات تالية - إن شاء الله - )

جميل جدا, أليس كذلك؟
بلى, هو كذلك...

مرت على صديقي سنوات قليلة, ثم سألته على حاله مع مشروعه, فأخبرني أن أسواق برمجات الهواتف (AppStore و Google Play) قد أصابها التشبع, و الشركات العملاقة نزلت بثقلها لتنافس في هذه الأسواق, و صار الربح منها صعبا جدا!

المحيطات الحمراء Red Oceans
حينما تكون محددات السوق معروفة لكل اللاعبين, و قواعد اللعب متفقا عليها, و السوق مزدحمة بالمتنافسين, حينئذ تبلغ المنافسة حدا من الشراسة يشبه قطع الرقاب و لو تصورنا هذا السوق كمحيط, لاحْمَرَّ لونه من كثرة الدماء! و من هذا التشبيه جاء الاسم الذي يصف هذه الأسواق: المحيطات الحمراء Red Oceans.

فما المخرج؟
إذا كنت تخسر دائما, فعليك بتغيير قواعد اللعبة![1]
ابحث عن سوق بِكْرٍ لم تطأه أرجل المتنافسين أو لم ينتبهوا له, و لم تُحَدَّد قواعد اللعب فيه, أو بكلمات أخرى...العب بعيداً!
فإن وجدت هذا السوق فكأنما وجدت محيطا واسعا عميقا, تسبح فيه وحدك دون أن يكدره عليك سائر المتنافسين! و هذا التشبيه جاء منه اسم هذه الأسواق: المحيطات الزرقاء Blue Oceans!

(لن نفصل في كيفية إيجاد مثل هذه الأسوق لأننا سنتحدث عنها فيما بعد - إن شاء الله - لكن من أراد التوسع, فسيجد في ويكيبيديا المزيد)...

الإعلانات!
نعود لصديقي المبرمج, كيف تصرف للتغلب على حالة السوق التي وصفناها؟
قال لي: بسبب تشبع السوق, فإن الاتجاه السائد الآن في تطوير برمجيات الهواتف الجوالة  أن تجعل برامجك مجانية و تضع إعلانات داخلها, و لكي تكون هذه الإعلانات مجدية (من ناحية الربح) فينبغي أن يكون البرنامج مما يستخدمه الناس كثيرا, مثل الألعاب!
كذلك يدرس صديقي تنويع شركات الإعلانات التي يتعامل معها!
....
لي رأي فيما فعله صديقي, لكني أحب أن يكون هذا الموقف نموذجا للدراسة case study, نتناقش فيما ينبغي على صديقي عمله, و ليكن هذا هو الواجب العملي لهذه المقالة!
فأخبروني: هل ترون ما فعله صديقي هو الأسلوب الأمثل في التعامل مع حالة السوق المذكورة؟
... في انتظار تعليقاتكم :)
كتبه ... سامح دعبس
-----------------------------------
[1] هذا الاقتباس, قرأته في مكان ما, و لكني لا أذكر أين!

Sunday, April 27, 2014

لماذا لم تبدأ شركتك إلى الآن؟

بسم الله...
مر وقت طويل جدا منذ آخر مقالة نشرناها في هذه المدونة, فما الذي منعنا؟ و لماذا لم نبدأ شركتنا إلى الآن؟ هل نحن ممن يسيرون مع موجة ريادة الأعمال نظريا دون تطبيق عملي؟ ألم نعد القراء بنصائح عملية تعينهم على تأسيس شركاتهم؟...

حسنا, سأجيب عن هذه التساؤلات باختصار شديد, و سأستغل باقي المقالة في الحديث عن موضوع هام جدا يفيد القراء ... فتصبروا قليلا لتعرفوا ما هو :)

* أين كنا الفترة السابقة؟
- حقيقة, بسبب ما تمر به مصر من أحداث سياسية, فقد شُغلنا كثيرا و توقف كثير من مشاريعنا التي كنا قد بدأنا فيها بالفعل, و ها قد عدنا :-)
قد تكون هذه الإجابة مقنعة لبعض القراء, لكن - في الحقيقة - هذه هي الحيلة النفسية التي نحاول إيهام أنفسنا بها لتبرير تأخرنا عن البدء إلى الآن!

* هل يعني ذلك أنه كان بإمكاننا البدء و لم نفعل؟
- نعم

* فما هي الأسباب التي منعتكم إذا؟
- دعوني أغير صيغة هذا السؤال و أعممه ليكون أكثر إفادة للقراء...

* ما الذي يمنع الناس من البدء في مشاريعهم الخاصة؟
- قد لخص أهم هذه الأسباب (أو إن شئت سمها الأوهام) العبقري بول غراهام, و بين زيفها أحسن بيان, ثم أتحفنا رؤوف شبايك بترجمة مقالة بول غراهام في ثلاثة مقالات (الأولى, الثانية, الثالثة), و هذا ملخصها:
  1. صغر السن
  2. قلة الخبرة
  3. التردد
  4. اعتقاد قلة الذكاء
  5. الجهل بعالم الأعمال و المشاريع
  6. عدم وجود شركاء
  7. انعدام الفكرة التي تصلح للبدء في مشروع تجاري
  8. الاعتقاد بعدم إمكانية منافسة الأقوياء
  9. الخوف من المغامرة لمن يعول أسرة
  10. اعتقاد عدم الحاجة لتأسيس مشاريع خاصة و خوض صعوباتها مع تيسر الحال المادي
  11. عدم الاستعداد للالتزام بمتطلبات تأسيس مشروع خاص
  12. عدم الرغبة في تحمل مسئولية أخد قرارات خطيرة
  13. حب الاستقرار و الأمان الوظيفي
  14. عدم معرفة مذاق العمل الخاص في مقابل البؤس الوظيفي
  15. ضغط الأهل لسلوك مسار مختلف (كالطب مثلا)
  16. الظن أن الطريق الوحيد للحصول على المال هو الوظيفة!
* كل هذا جميل, لكن أليست حالة مصر السياسية و الاقتصادية تجعل من الصعب فعلا البدء في مشروع تجاري الآن؟
- حسنا يا صديقي الذي يدافع عنا :), يأتيك الجواب من بول غراهام أيضا, و يترجمه لك المجتهد رؤوف شبايك في جزأين (الأول, الثاني), و خلاصة كلام بول غراهام, أن هذه الأوقات العصيبة قد تكون الأنسب للبدء! بل هناك شركات عملاقة نشأت في فترات كساد اقتصادي عالمي, مثل مايكروسوفت Microsoft و آبل Apple! 
فمثلا, في مثل هذه الأوقات يشعر الناس بضرورة ترشيد الإنفاق, فماذا لو قدمت أنت منتجات تلبي حاجاتهم بأسعار تقل عن تلك التي تقدمها الشركات الكبيرة؟! بل هناك ميزة أخرى أن كثيرا من الناس يحجمون عن كثير من المشاريع في مثل هذه الأوقات, مما يعني فرصا أكبر للنجاح بسبب قلة المنافسة!
و يلخص لك بول غراهام الكلام و يقول أن هذه الأوقات الصعبة مؤثرة بلا شك, لكن ليس كما نعتقد, و الأكثر تأثيرا أمران:
  1. طبيعة المؤسسين (أنت و شركاؤك)
  2. قدرة المشروع على الاستمرار بأقل مصاريف ممكنة, لأطول فترة ممكنة (على الهامش: من أهداف هذه المدونة تعليمك كيف تفعل ذلك, فتابعنا :)
كل ما سبق جميل جدا, لكن في رأيي, السبب الحقيقي لتأخير البدء في تأسيس المشروع الخاص هو الخوف! الخوف من التجربة, الخوف من الفشل, الخوف من عدم القدرة على الاستمرار....نعم إنه الخوف, و لا أعلم علاجا لهذا الخوف إلا التوكل على الله و البدء فورا... و فاز باللذة الجسور[1]

* إذا, أنتم تعرفون كل هذا و لم تبدأوا إلى الآن؟
- قد بدأنا بالفعل, و لله الحمد :)
قد لاحظنا سوء الوضع في مصر, و حاجة الكثير من الناس للتوظف (نعم الذين يريدون أن يتوظفوا أكثر بكثير من الذين يريديون أن يكونوا أصحاب أعمال!), فوفقنا الله لتأسيس مشروعنا الأول بشرية :)

بشرية, هو الاسم الذي اخترناه لمشروعنا الذي سنقدم من خلاله تباعا - إن شاء الله - خدمات موارد بشرية Human Resources, و قد اخترنا أن تكون أول خدمة نقدمها تنفع الناس (بتجميع الوظائف المنشورة في مكان واحد) و منها نحقق هدفا ثانيا: تحقيق انتشار جيد يسمح لنا بتقديم خدمات تالية تدر علينا أرباحا - إن شاء الله -

* بشرية! لماذا هذا الاسم الغريب؟!
- هذا الاسم يحقق لنا عدة أغراض:
  1. أن الخدمات التي سنقدمها - إن شاء الله - ذات علاقة بـ "الموارد البشرية", فاخترنا الكلمة الثانية من هذا المصطلح... البشرية! (لاحظ أيضا أن حروف الـ H و الـ R, و هي الاختصار لكلمة موارد بشرية باللغة الإنكليزية Human Resources , أو HR, مكتوبة بلون مختلف في اسم المشروع - كما يظهر في الصورة)
  2.  أن الكلمة تكتب باللغة العربية و الإنكليزية بدون أي تعقيدات تصعّب قراءتها
  3. أن الاسم خفيف, شبابي, (كوول يعني بالعامية :)
  4. أن النطاقات domains متاحة لهذا الاسم كموقع رسمي لنا
كالعادة, طالت منا هذه المقالة جدا :(

* فلندخل إلى الواجب العاملي...
مطلوب مساعدتنا في نشر صفحة مشروعنا الجديد (بشرية) على الفيسبوك, و من يفعل ذلك يضرب عصفورين بحجر واحد:
  1. من يبحث عن وظيفة, يساعده في الحصول عليها
  2. من يؤسس مشروعا جديدا (نحن :), يساعده في إنجاح مشروعه :)
و نكمل ما بدأناه إن شاء الله, فتابعونا...

و كتبه...سامح دعبس

-------
[1] جزء من بيت شعر شهير, و تمامه:
من راقبَ الناسَ مات هَمًّا *** وفاز باللذَّةِ الجَسُوْرُ