بسم الله...
ذكرت في الجزء الأول من المقالة مراحل انتشار المنتجات الجديدة, و ضرورة التركيز على شريحة الأسواق المبكرة في بداية المشروع, و أطلقت على هذه الشريحة: المتبنين الأوائل Early Adopters. و هأنذا أكمل الموضوع ...
دراسة جدوى المشروع بعشرة من المتبنين الأوائل
1- أن تخطط
للربح من اليوم الأول في مشروعك.
2- أو أن تخطط لاجتذاب زبائن كثر, ثم تكتسب
منهم أرباحا فيما بعد.
كلاهما قد يكون صحيحا, و الجمع بينهما ممكن, لكن عند التعارض, أُفضّل التفكير في الربح من
اليوم الأول, و لو فكرت في الثانية فأهم معيار عندي هو كفاية ما معي من مال
لتغطية مصاريف فترة ما قبل الربح من الزبائن.
وبناء
على هذا المعيار (الربح من اليوم الأول) فإنني أقول: إذا لم تستطع إيجاد
10 زبائن من المتبنين الأوائل, عندهم استعداد لشراء منتجك - الذي لم يولد بعد - إذا وُلد,
فلا تتعب نفسك بتنفيذ الفكرة, و ابحث عن فكرة أخرى تتمتع بمقومات الأفكار القابلة للنجاح التي فصلها زين في مقالتي المعدة و الآيباد!
و اعتبر البحث عن هؤلاء العشرة دراسة لجدوى المشروع. سهلة, أليس كذلك؟!
لماذا لا تجرب هذه الطريقة؟
- لا, لن أبحث عن هؤلاء العشرة لأنني أخشى أن يرفضوا الفكرة؟
فخبرني - بربك - كيف تبني منتجا من غير أن تختبر جدواه؟ و هل تظن أنك ستستطيع الوصول إليهم بعد الانتهاء من المنتج مع أنك لم تحاول الوصول إليهم الآن؟ من لم تستطع الوصول إليه الآن فلن تستطيع الوصول إليه غداً!
- قد حدثتني من قبل عن الأفكار الأورجانيك و التي تعني أن تحل مشكلة شخصية لنفسك, و لذلك لن أبحث عن عشرة؟
هذا صحيح, و هذا يصلح كبداية, و لكنك لن تنتج لنفسك و تبيع لنفسك بقية الوقت, ستبدأ بنفسك نعم, ثم بعد ذلك لابد من زبائن آخرين. و إلا, فخبرني من أين ستنفق على مشروعك؟!
- هناك الملايين الذين يحتاجون منتجي, و لست في حاجة لإيجاد عشرة, أنا فقط أحتاج البدء في التنفيذ!
إن كان هناك ملايين حقا فلن يضرك أن تتحدث إلى عشرة منهم. فإما أنهم غير موجودين أو موجودون و لكنهم لا يحتاجون لمنتجك!
- لكن زبائني لن يقتنعوا من غير أن يروا شيئا يلمسونه بأيديهم؟ و لن تقنعهم النماذج و الرسومات!
إذا لم تستطع شرح فكرتك في 60 ثانية فإما أنها معقدة جدا أو أنك لا تفهمها جيدا, فغالبا لن تحتاج لأكثر من وضوح الفكرة و شرحها بالكلام, و الكلام فقط. و قد تكون النماذج و الرسومات مفيدة و مهمة في بعض الحالات, و سيقبلها هؤلاء العشرة, إذا كانت تحل لهم مشكلة عويصة أو تقدم لهم قيمة عالية يحتاجونها في تعزيز وضعهم الاجتماعي أو المالي (راجع صفاتهم في الجزء الأول من المقالة)
- أنا لا أحسن فنون المبيعات و التسويق, و لذلك سأركز على بناء منتج قوي و سأؤجل قرار التربح من المشروع إلى أن يستطيع بيع نفسه بنفسه!
إذا كنت لا تعلم, فهناك الملايين من المنتجات القوية التي لم تحقق أي أرباح!
إذا كنت تحب طريقتنا, فإننا نفضل التركيز على الربح من اليوم الأول, فليس لدينا الكثير من المال لننفقه على الزبائن قبل أن يعود ذلك علينا بالربح!
إذا كنت تبني منتجك لتبيعه و ليس لتتسلى بتنفيذه, فتنفيذ منتج قوي جميل وحده لا يكفي!
إذا لم يقنعك كل ذلك, و كنت تفضل الكلام الإداري الفخم, فاعتبر إيجاد عشرة زبائن جزءا من إدارة المخاطر في مشروعك Risk management, أم تريد أن تقنعني أن إيجاد الزبائن شيئا هامشيا يمكن تأجيله؟!
- و لكني أخشى إن نشرت فكرتي قبل أن أبدأ في تنفيذها أن تُسرق!
كم فكرة كانت حبسية في صدرك لسنوات تخشى أن يطلع عليها الناس ثم اكتشفت أنها قد نُفذت بالفعل و أنت بعدُ لم تفعل شيئا؟!
لن أطيل الكلام في هذه النقطة كثيرا فقد كفاني زين هذا الأمر في مقالة له سابقة.
- إذا, أخبرني من هم العشر زبائن الأول لغوغل Google, و تويتر Twitter, و فيسبوك Facebook؟
يا صديقي, هذه الشركات نجحت نعم, لكن نجاحها بهذه الطريقة هو الاستثناء وليس الأصل, و كما قلت لك من قبل, هناك طريقتان: إما أن تربح من اليوم الأول, أو تجمع الزبائن ثم تبحث كيف تربح منهم بعد ذلك. الطريقة الثانية خطرة جدا, و فرص النجاح فيها ضعيفة جدا, و تحتاج لمال وفير و جهد جهيد. و الطريقة الأولى أيضا عرضة للفشل, لكن أليس تقليل تكلفة الفشل و التعلم منه سريعا أولى من تعظيم تكلفة الفشل و تأخير و قته؟ و هذا ما نسميه: افشل بسرعة Fail Fast!
- و لكن صديقي و أمي و زميلي في العمل أخبروني أن فكرتي ممتازة, ألا يكفي ذلك؟!
هل سمعت بالمثل الشعبي الذي يقول: "القرد في عين أمه غزال"؟
فهل حقا القرد غزال؟؟!!
هناك أسباب كثيرة تجعل رأيهم لا يمثل أي أهمية, كالمجاملة أو سوء التقدير ... إلخ. كل ذلك لا يهم, إنما هناك معيار واحد فقط صحيح في هذه الطريقة, أن يوافقوا على دفع مال لك مقابل هذا المنتج, حتى و إن لم يوجد بعد, بمجرد أن تنتهي من إيجاده!
- و لكن, ما الذي يجعل بعض الناس يغامرون مثل هذه المغامرة, و يوافقون على شراء منتج غير مكتمل, و به مشاكل, و صاحبه شخص مغمور؟!!
حسنا, ألم تسمع بالمثل الشعبي: "نصف العمى خير من العمى الكلي"؟!
قد تكون هذه هي إحدى الإجابات, أناس عندهم مشكلة عويصة, و ليس لديهم حل جيد, و أنت تقدم لهم حلا, و لو جزئيا, و سيتحسن و يكتمل مع الوقت, أليس هذا خير من استمرار معاناتهم المشكلة كما هي؟!
و هؤلاء هم الذين ستستهدفهم بالدرجة الأولى...أناس يقبلون نصف العمى!!
ثم إن كنت تذكر, ذكرنا في الجزء الأول من المقال أن من نستهدفهم قسمان: مبدعون Innovators و هؤلاء مولعون بكل جديد, خاصة إذا كان مرتبطا بالتقنية, فإذا كان منتجك تقنيا جديدا, فأبشر... ستجد من يهتم لهذا المنتج فقط لكونه جديدا و براقا :)
أما القسم الآخر فهم المتبونون الأوائل Early Adopters و هؤلاء يهتمون بكل ما يعزز مكانتهم الاجتماعية و يساعدهم في أعمالهم, فإن كان منتجك يحل لهم مشكلة تؤرقهم, فأبشر...فرصتك عظيمة - إن شاء الله - :)
الجدير بالتأمل هنا أن تعرف صفات هؤلاء جيدا, و هذه تحتاج لشرح وافٍ, و لذلك سأؤجلها لمقالة لاحقة - إن شاء الله و قدر -
- قد اقتنعت, فأخبرني كيف أصل لهؤلاء العشرة؟!
باتباع أنشطة التسويق التقليدية, مثل...
1- إنشاء صفحة ويب واحدة Landing Pages, و اجتذاب الزوار إليها باستخدام إعلانات جوجل Google Ads مثلا, ثم التواصل مع المهتمين (هذه الطريقة تحتاج لتفصيل, ربما نفعل ذلك لاحقا - إن شاء الله - حينما نشرع في تجربتها)
2- أن يكون لديك موقعا أو مدونة تقدم من خلالها محتوى هادف و تربطها بشبكات التواصل الاجتماعي, و عن طريقها تحاول الوصول لهؤلاء العشرة. و هذه الطريقة نحاول اتباعها في هذه المدونة.
3- أن تحاول البحث عنهم في علاقاتك الاجتماعية, بسؤال الأصدقاء و الأقارب و المعارف ... إلخ, و هذه نعتمد عليها الآن بدرجة كبيرة, و ربما نفصل فيها لاحقا إن شاء الله.
لكن لدي فائدة جديرة بالاعتبار في هذه الحالة, أفادني بها أحد أصدقائي المتخصصين في المبيعات, قال لي: الثعالب تبيع للثعالب Foxes sell to foxes
ثم شرحها بقوله, أنك حين تبحث عن زبون فابحث عن شخص له سلطة اتخذا قرار الشراء decision maker أو شخص له تأثير على صانع القرار. فلا تضيع وقتك مع غير هؤلاء أثناء البحث!
4- طرق أخرى...
هذا دورك, دلنا عليها لنستفيد منك :D
- و لكن, كيف أقيس قبولهم للفكرة و أنهم لم يجاملوني, و كيف أتأكد أنهم سيدفعون لشراء هذا المنتج عندما يوجد, و ماذا أقول لهم, و كيف أعرض عليهم الفكرة؟ و .. و ... و ...؟
هذه قصة أخرى, و أرجو أن يوفقنا الله لعرضها قريبا, فادعوا لنا :)
أمثلة...
حقيقة , أول من عرفني هذه الطريقة هو اليهودي "جيسون كون Jason Cohn" في مدونته الهامة و ذكر أنه يفعل ذلك دائما, بل يزيد أنه لا يبدأ في تنفيذ أي مشروع قبل أن يكون لديه 50 زبونا!!!
و كذلك "آش موريا Ash Maurya" مؤلف الكتاب البديع Running Lean (أنصحكم بقراءته بشدة) يذكر في كتابه أحد المنتجات التي لم يبدأ في تنفيذها قبل أن يحصل على 100 زبون ( و لعله ذكر أكثر من منتج, لكني أتذكر واحدا منهم الآن).
و لا تسعفني الأمثلة العربية الآن, و لعل الله ييسر و نكون مثالا حيا على هذه الطريقة, فادعوا لنا :D
- معنى الجملة السابقة أن كلامكم هذا نظري و لم تجربوا هذه الطريقة؟!!
ذكرت لكم في مقالى الأفكار الأورجانيك أنني أريد شيئا يساعدني في تربية بناتي, مع تقليل الاعتماد على أساليب التلقي ذات الاتجاه الواحد (التليفزيون و الرسوم المتحركة) بل أريد شيئا تفاعليا يستمتع به الأطفال و يتعلمون ما يفيدهم.
فوضعنا افتراضا أن أصحاب الحضانات (أو دور رياض الأطفال) هم المتبنون الأوائل لفكرتنا, و ذهبنا نتواصل معهم, لكن المؤشرات الأولية نبأت أن هذه الفكرة ممكنة, لكن لتنجح فعلينا التغلب على مصاعب عديدة قد تستغرق وقتا و جهدا كبيرا, لكننا لاحظنا مشكلة أخرى تؤرق أصحاب الحضانات و يشترك فيها الكثير من أصحاب الأعمال الصغيرة و المتوسطة, فبدأنا نبحث عن متبنين أوائل لحل هذه المشكلة إن قدمنا حلا لها, و بالفعل وصلنا لبعض الأفراد الذين قبلوا شراء المنتج, بالرغم من أننا لم نبدأ في تنفيذه بعد! و لازلنا نبحث عن بقية العشرة.
تأمل كيف قادنا البحث عن عشر زبائن إلى الفشل السريع رخيص التكلفة, فلم نبدأ في تنفيذ المشروع بعد؟؟!!
ساعدنا :D
فمن كان يملك مشروعا صغيرا (حضانة, شركة صغيرة, مدرسة, معرض ملابس, معرض سيارات, مكتب تسويق عقاري, ... أي مشروع صغير أو متوسط) أو يمكنه إيصالنا بمن يملك هذا المشروع, فليتواصل معنا - فضلا لا أمرا - لأننا في مرحلة البحث عن 10 زبائن قبل البدء في تنفيذ فكرتنا :)
للتواصل معنا
بريد إلكتروني
فيسبوك
تويتر
صديقي رائد الأعمال...
لن أخدعك و أقول لك أن هذه الطريقة سهلة في الوصول للزبائن, لكن بالتأكيد هي ممكنة, فقط قم من مكانك و اخرج إلى السوق و ابحث عنهم, و ستجدهم - إن شاء الله -
و لكي تحصل على 10 زبائن ربما ستحتاج للتحدث إلى 30 زبونا محتملا, و ربما أكثر أو أقل, لكن تأمل لو تحدثت إلى عشرة أشخاص و كلهم رفضوا قبول منتجك, أليس هذا مؤشرا قويا على ضعف الفكرة؟! و العكس صحيح, لو تحدثت إلى عشرة فقط و كلهم أو أكثرهم وافق على شراء المنتج إذا اكتمل, أليس هذا مؤشرا قويا على قابلية الفكرة للنجاح؟!
فقط استعن بالله, و ابدأ الآن ... الآن!
الخلاصة
- قم من مكانك الآن, و ابحث عن 10 أشخاص يوافقون على شراء منتجك حينما يكتمل, حتى و إن لم تكمله بعد, و اعتبر ذلك دراسة جدوى المشروع.
- إذا فشلت في الوصول لهؤلاء العشرة, فاعتبر ذلك من استراتيجية الفشل السريع Fail fast التي نتبناها (إن كنت لا محالة فاشل, فعجل بهذا الفشل ليكون رخيصا و لا يستنفذ مالك و جهدك).
- ركز على الربح من اليوم الأول, فإنه أحفظ لمالك و جهدك.
- دلنا على طرق إضافية للوصول للزبائن المحتملين قبل البدء في تنفيذ الفكرة.
- ساعدنا في الوصول لأول زبائن :D
للتوسع
و كتبه... سامح دعبس