Thursday, February 21, 2013

الأفكار "الأورجانيك" لتأسيس الشركات!

بسم الله....

هل سمعتم عن الأطعمة العضوية "أورجانيك"؟
هي صيحة جديدة من الأطعمة عندنا في مصر - و لا أدري هل هي صيحة عالمية أم محلية - و تعني - باختصار - أن هذه الأطعمة نمت نموا طبيعيا و لم يدخل في إنتاجها أي مبيدات حشرية أو أسمدة كيماوية أو عُدلت بالهندسة الوراثية...إلخ, بل لم يُستخدم في إنتاجها إلا أشياء طبيعية (عضوية), فصار يُباع عندنا في مصر خضروات "أورجانيك", فواكه "أروجانيك", حليب "أورجانيك", بيض "أورجانيك"... هكذا يسمونها "أورجانيك Organic" من غير تعريب, فلك الله يا لغة الضاد!
 و يعجبني أكثر تسميتها أغذية طبيعية , و سأستخدم هذه الترجمة المتصرفة في سائر المقالة - إن شاء الله -

حسنا, و ما علاقة ذلك بتأسيس الشركات؟!!
رفقا رفقا...إليك التفصيل أخي رائد الأعمال :)
إذا كنت تبحث عن فكرة لتأسيس شركتك و التخلص من بؤس الوظيفة, فأمامك طريقان:
الطريق الأول: أن تبحث عن مشكلة شخصية لك, تؤرقك و تقض مضجعك, ثم تبحث عن حل عملي لها. بالطبع لا يشترط أن تكون مشكلة, فقد تكون حاجة للترفيه, أو حاجة للتواصل, أو رغبة في الحصول على شيء ما...إلخ. الجميل أنك لست وحدك من يعيش في هذا العالم, و فرصة أن هناك أشخاصا يعانون مثلك من نفس المشكلة كبيرة...فأبشر :)
الطريق الثاني: أن تبحث عن مشكلة, تظن أن الناس - من دونك - يعانون منها, أو تظن أنهم سيحتاجونها في المستقبل القريب.
الأفكار التي تنشأ من الطريق الأول تسمى أفكار طبيعية "أورجانيك", لأنها تظهر و تنمو بشكل طبيعي من غير إدخال أي إجراءات استثنائية لتوليد الفكرة و إنضاجها, كما هو الحال في الأفكار التي تنشأ من الطريق الثاني! و لبساطة هذه الأفكار و إمكانية إيجادها بسهولة, فإنا سنفصل فيها في هذه المقالة, أما من حياته وردية و لا يعاني من أية مشكلات, فلينتظرنا قليلا حتى نفصل في آليات و أساليب الطريق الثاني في مقالات تالية - إن شاء الله -

فلنبدأ ببعض الأمثلة...

- في سبيعينات القرن العشرين, احتاج ستيف وزنياك Steve Wozniak لكمبيوتر, و لأنه كان مهندسا فقد استطاع اختراع كمبيوتر شخصي هو آبل 1 ثم آبل2, و هذه الاختراعات ساهمت بصورة كبيرة في تطوير تقنيات المعالجات الدقيقة Microprocessors فيما بعد. و أسس ستيف وزنياك مع صديقه ستيف جوبز Steve Jobs  بهذه الاختراعات شركة آبل الشهيرة! الطريف أن هذا الكمبيوتر كان مناسبا للهواة, و لم يكن وزنياك وحده من احتاج لهذا الاختراع, بل كان هناك كثير من الناس يحتاجونه, فاستطاعت آبل أن تبيع لهم هذا الكمبيوتر و تجني الأرباح!  ثم بنفس الطريقة, أنتجت آبل الآيبود و الآيفون كما أراد ستيف جوبز أن يستخدمهما لنفسه!
 - في السبعينات أيضا, و فور ظهورالحاسب ألتير 8800, طور بيل غيتس Bill Gates مع صديقه بول آلن Paul Allen برنامجا مترجِما للغة البرمجة بيزك BASIC - Interpreter (لا يهم ما هذا, افترض أنه برنامج يحتاجه المبرمجون و كفى) احتاجا لهذه البرنامج بحيث يستطيعا استخدامه بأنفسهما. و كعادة الأفكار الطبيعية "الأورجانيك" فقد كان هناك من يحتاج هذا البرنامج غيرهما..فكانت شركة مايكروسوفت Microsoft العملاقة!
 - في التسعينات, سئم لاري بيج Larry Page و سيرجي برين Sergey Brin من محركات البحث الموجودة, فقاما بتطوير النسخ الأولى من محرك البحث غوغل Google ليستطيعا استخدامه بأنفسهما! و كالعادة, لم يكونا وحدهما من سئم من محركات البحث تلك, بل عم الأمر و طم, فنجحت غوغل!
 - هناك تقليد في الجامعات الأمريكية بطباعة صور الطلاب و معلومات عنهم في كتيب يوزع عليهم و يسمى كتيب الصور facebook, لكن مارك زوكربرغ Mark Zuckerberg استنكر كيف في الألفية الجديدة, و في الولايات المتحدة, و في جامعة هارفارد تظل هذه الكتيبات تطبع؟! ينبغي أن تكون على الإنترنت ليستطيع تبادل هذه الصور مع أصدقائه في الجامعة. ولكن كعادة الأفكار الطبيعية "الأورجانيك" كان الناس يحتاجون أن يكون كتيب الصور على الإنترنت, فكانت فيسبوك Facebook!

يظل معنا صديقنا المتململ دائما...أين الأمثلة العربية؟
حسنا يا صاح...إليك بعض الأمثلة العربية...
- في مصر مشكلة الزحام فاقت كل الحدود, خاصة في القاهرة الكبرى. و يمكن أن يستغرق قضاء حاجة من مكان قريب ساعة فأكثر, ما العمل؟ قام بعض الشباب بحل هذه المشكلة التي تؤرقهم هم شخصيا و طوروا برنامج بيقول لك Bey2ollak لمراقبة حالة زحام الطرق!
 - و بسبب الزحام أيضا في قضاء الحوائج و طوابير دفع الفواتير, حينما عانى بعض الشباب من هذه المشكلة أنشأوا شركة مشاوير و رفعوا شعار "نحضر لك, و نوصل لك, أي شيء, من أي مكان"!
- أما الذين أرقتهم مشكلة الطوابير و دفع الفواتير, فأسسوا لها شركة فوري لتسهيل دفع الفواتير من عند محلات البقالة و الصيدليات و من أي مكان!
الأمثلة الأجنبية و العربية أكثر من أن تحصر, و لولا أنني ما بلغت نصف المقالة بعد لأتيت لكم بالمزيد من الأمثلة, لكن فيما ذكر دلالة على الفكرة.

تريد المزيد من التفصيل؟ 
 حسنا, إضافة إلى ما كتبه زين حول مقومات الفكرة القابلة للنجاح و تعليقي عليها,لن أجد أفضل من بول غراهام Paul Graham - المبرمج و المستثمر الشهير - يحدثك أكثر عن هذه النوعية من الأفكار, و هو أول من قرأت له مصطلح الأفكار الطبيعية organic ideas, يقول - بتصرف شديد -:
- الخط الفاصل بين نوعي الأفكار المذكورين آنفا رمادي جدا, لكن الشركات الناشئة الأكثر نجاحا تنزع لأن تتبع طريق الأفكار الطبيعية.
- كلما كنت أصغر سنا و أقل دراية بالأسواق, صعب عليك سلوك الطريق الثاني (الأفكار الغير طبيعية التي تظن أن الناس يحتاجونها), و لكن كلما كبر سنك و ازدادت درايتك بالسوق, سهل عليك سلوك الطريق الثاني, لكن تبقى الأفكار الطبيعية أولى و أقرب للنجاح!
- الأفكار الطبيعية لا تبدو صلاحيتها لتكون نواة شركة للوهلة الأولى, و لذلك لا ينتبه لها أحد, إلا قناص الفرص! و كثير من الشركات الناجحة التي ذكرتها آنفا لم يبدأها أصحابها كشركات, بل بدأوها كمشاريع جانبية تحل لهم مشكلات شخصية! بل ينصحك بول غراهام ألا تركز في البداية على صلاحية الفكرة لتكون نواة شركة بالأساس, حتى لا تعقد الأمور, بل فكر فقط - في البداية - هل هي مشكلة مؤرّقة أم لا!

و يقول في موضع آخر - بتصرف شديد أيضا -
- الأفكار الطبيعية تضمن لك أن المشكلة موجودة, على الأقل عندك أنت, لكن في الطريق الثاني أنت تبني على الظنون! و هذه أشهر مشكلة يقع فيها مؤسسوا الشركات, أنهم يصنعون منتجات لا يريدها أحد!
هناك ثلاثة خصائص للأفكار الطبيعية: (1) هي أشياء يريدها صاحب الفكرة نفسه, و (2) يستطيع أن يصنعها بنفسه, و (3) يرى بعض الناس غيره أن الفكرة تستحق التنفيذ!
- حين توضع في موضع الاختيار بين فكرة تخدم الكثير من الناس و لكنهم لا يحتاجونها كثيرا, و بين فكرة تخدم القليل من الناس لكنهم يحتاجونها كثيرا, فإن عليك اختيار الثانية, و تقريبا كل الشركات الناشئة التي نجحت تتبع الاختيار الثاني! 
و ذلك أن هؤلاء القلة الذين يحتاجون منتجك بشدة, سيتغاضون عن الكثير من مشكلاته في البداية, و سيوافقون أن يشتروا من شخص مغمور مثلك, و سيتجوزون كثيرا في شروط قبول المنتج, و ستعتمد عليهم في إنضاج منتجك لتستطيع استهداف شرائح أوسع فيما بعد (سنفرد هذه النقطة بمقالة مستقبلية - إن شاء الله - لأهميتها)
- الفكرة التي يحتاجها بعض الناس بشدة في البداية مهمة جدا, لكنها غير كافية للنجاح بحد ذاتها ما لم تكن قابلة للتوسع, فمثلا فيسبوك نشأ بين طلاب جامعة هارفارد, لكن نقله لجامعات أخرى ثم للعالم أجمع كان ميسروا. فكيف أعرف أن هذه الفكرة قابلة للتوسع؟ غالبا, لن تعرف!!
إذا ما العمل؟
يجيب بول غراهام بإجابة محبطة نوعا ما, فيقول إذا كنت قريبا من مجال أو صناعة تتغير بسرعة فأغلب الظن أنك على الطريق الصحيح! كلام عام جدا, لكنه يؤكد - بصفته مستثمر و لا يضع أمواله فيما لا يعود عليه بالربح الوفير - يؤكد أن هذا هو الطريق!
يقلل من الإحباط قليلا أن تعلم أننا نعيش في عصر الجوالات/الموبايلات و الإنترنت, و قد رأيت المستثمرين يركزون جدا على تطبيقات الجوالات, و هذا الأمر ينطبق عندنا في مصر أيضا. و لا تفهم الحديث عن الموبايلات يقتصر على تلك الذكية مثل آيفون و أندرويد, و تطبيقات هذه الجوالات مقصودة بلا شك, لكن الأمر ينسحب على الهواتف الأقل ذكاء التي تدعم تطبيقات الجافا java, بل يعتبر الهواتف البسيطة جدا, الرخيصة جدا, و يعطيها أولوية, و تُستهدف هذه الجوالات بالرسائل القصيرة SMS و أكواد USSD (مثل أن تدخل # ثم رقما ثم * للحصول على شيء ما, نغمة مثلا).
قد لا يسبب لي هذا الأمر مشكلة شخصية, لأني مبرمج - بفضل الله - و الأمر قريب بالنسبة لي, أما من لا يستطيع البرمجة, فيكفيه أن يكون من مستخدميهذه التقنيات, ثم هذه فرصة مناسبة للبحث عن شريك!
و لكي أقلل من الإحباط كثيرا, فيعجبني جدا منهج التجربة و التعلم, خاصة إذا كانت التجارب رخيصة, على النحو الذي سنفصله في المقالات التالية - إن شاء الله - 
حقيقة, مقالة بول غراهام التي نقلت منها كثيرا في هذه المقالة تستحق القراءة, لكني استخرجت منها فقط ما رأيته مناسبا للسياق, فاقرأها و لن تندم - إن شاء الله -

نعود لصاحبنا المتململ دائما...
ما هي فكرتكم الطبيعية التي تبنون عليها مشروعكم؟
حسنا, يؤرقني شخصيا مشكلتان, المشكلة الأولى أنني أريد تأسيس شركة و مررت بفترات طويلة لا أدري من أين أبدأ و كيف, خاصة مع ضعف الإمكانات المادية؟, و هذه المدونة نواة لحل هذه المشكلة و التربح من هذه الفكرة.
المشكلة الثانية, أنني أريد شيئا يساعدني في تربية بناتي, مع تقليل الاعتماد على أساليب التلقي ذات الاتجاه الواحد (التليفزيون و الرسوم المتحركة) بل أريد شيئا تفاعليا يستمتع به الأطفال و يتعلمون ما يفيدهم, و لعل هذه هي فكرتي الطبيعية التالية - إن شاء الله -

الواجب المنزلي...
- لا تبحث عن أفكار, بل لاحظ مشكلات, و ابدأ بمشكلاتك الشخصية
- اكتب قائمة بأهم المشكلات التي تؤرقك شخصيا, ثم رتبها حسب درجة الإيلام, ثم اختر منها ما تستطيع حله بنفسك. لا تبدأ في التنفيذ الآن, بل صبر نفسك قليلا و سندلك على الخطوة التالية - إن شاء الله - 

أعلم أن هذه المقالة طويلة جدا, لكني أجرب فيها هل طولها يمنع من الاستفادة منها أم لا, خاصة أني شخصيا لا أجد مانعا من قراءة مقالة طويلة إذا كنت مهتما بموضوعها!


و كتبه...سامح دعبس 

2 comments:

  1. مقاله رائعه رائعه رائعه وخلتنى افكر فى حجات كتير ماكنتش واخد بالى منها

    ReplyDelete
    Replies
    1. أكرمك الله...ابقى احكي لنا تجاربك بقى :)

      Delete