Saturday, February 2, 2013

حين لا تكفي كتب إبراهيم الفقي - رحمه الله - للنجاح!

 
بسم الله...

البداية...
أصعب خطوات تأسيس الشركات هي الخطوات الأولى, و أصعبها على الإطلاق هي أول خطوة. قد يعاني المرء من نكد الوظيفة, و لكن ليس لديه الحافز للبدء, أو يغلب عليه الخوف من الإقدام.
قد يتجاوز هذه المراحل فيصطدم بالجهل بأساليب تأسيس الشركات و ما يتعلق بها من أعمال إدارية و مالية...إلخ.

من أين يبدأ؟
يذهب إلى المكتبة أو يبحث على جوجل عن كتب النجاح, فيجد كتب إبراهيم الفقي - رحمه الله - فيمتليء حماسة و ثقة في نفسه, ثم يقف حائرا لا يدري ما يفعل :(

يبدأ في البحث أكثر و أكثر على صفحات الإنترنت, فيجد كلمات مثل..
"آمن بفكرتك و لا تستمع للآخرين, هذا هو طريقك للنجاح"!
يقول هنري فورد: "لو سألت الناس ماذا يحتاجون لقالوا حصانا سريعا"
If I had asked people what they wanted, they would have said faster horses
يقول ستيف جوبر: "ليس من وظيفة العميل أن يعلم ماذا يريد"
It is not the customer's job to know what they want
عشرات الشركات بدأت من بدروم بيت ثم صارت من كبرى الشركات في العالم.
فلان لمعت في رأسه فكرة فانطلق في تأسيسها و لم يعبأ بشيء من كلام الناس.

إذا ما الحل؟
وجدتها!
وجدت تلك الفكرة التي ستغير مجرى العالم!
فلنبدأ, بوضع مدخرات العمر على المحك, و لنعرض الفكرة على الأصدقاء و من يؤمن بالفكرة مثلنا فلنشاركه, فإننا ناجحون لا محالة, فقد قرأنا عن أهمية الإيمان بالفكرة في كتب إبراهيم الفقي - رحمه الله - و في كل المواقع التي تتحدث عن النجاح, و الواقع خير شاهد.
هيا, فلنستدِن المزيد من المال من الأقارب و الأصحاب, و لندخر قليلا من المال حتى يكتمل المنتج, ثم نخرجه للأسواق و نملأ الدنيا إعلانات عن منتجنا العظيم الذي سيغير مجرى التاريخ!

ما رأيك في هذا النموذج؟
جيد أليس كذلك؟
أبشرك أنك لو نفذت هذا الكلام, فإنك مقدم على كارثة! و أن نسبة نجاح مشروعك و استمراره ضئيلة, و تتضاءل مع الزمن!

قد أخبروك...
قد أخبروك عن الشركات التي نجحت من فكرة لم يؤمن بها أحد غير أصحابها.
و قد أخبروك عن الشركات التي بيعت بين عشية و ضحاها بمئات الملايين من الدولارات.
و قد أخبروك عن شركات تحولت من مقاربة الإفلاس إلى قيادة الأسواق بين غمضة عين و انتباهتها.

قد أخبروك عن كل ذلك و غيره, لكنهم...

لم يخبروك...
لم يخبروك أن نجاح هذه الشركات بهذه الطريقة هو الاستثناء و ليس الأصل.
و لم يخبروك كيف نجحت هذه الشركات.
و لم يخبروك عن الفشل الذي تتكبده هذه الشركات قبل أن تنجح مشروعاتها التي غيرت وجه العالم.
بل لم يخبروك كم شركة تنجح مقابل كم شركة تفشل!

تريد أمثلة على ذلك؟
 لا بأس...
تجد هنا قائمة بالمشاريع التي استغنت عنها جوجل, مع ملاحظة أنها ليست كلها فاشلة, بل بعضها أُدمج في مشاريع أخرى (و هذه نقطة مهمة جدا تنفعنا عند الحديث عن مفهوم الفشل لاحقا - إن شاء الله)
و هذا جابرييل واينبرج يدون قائمة بمشاريعه الفاشلة قبل محرك بحثه الناجح دك دك جو (طبعا شهرته لا تقارن بجوجل, لكنه يبلي بلاء حسنا في مجال البحث الدلالي semantic web و هي تقنية صاعدة في أساليب البحث).
و كتب رؤوف شبايك عن سيارة فورد فاشلة.
و..و...و...

قلت لي من قبل أنك لا تحب الأمثلة الغربية و تريد أمثلة عربية؟
 سامحني...
موقع المليون درهم, نسخ لموقع المليون بكسل الذي ذكر قصته شبايك, ربما ظن صاحبه أن الأفكار تنجح بالدفع الذاتي!
و هذه شركة آيميت (كان مقرها دبي, و إن لم يكن صاحبها عربيا) اختفت بين عشية و ضحاها بعد سلسلة من الفشل وقعت فيها بعد تخلي إتش تي سي HTC عن تزويدها بعتاد الجوالات.
أمثلة المشاريع الفاشلة كثيرة, و لا يعجز المرء عن تذكر أمثلة كثيرة من شركات ظهرت ثم اختفت و كأنها لم تكن!

و كأني أسمع معترضا يقول: ويحك! و ما الجديد في ما ذكرت؟ كلنا نعلم أن نسبة فشل المشروعات عالية!
و أنا أقول له: أنا سعيد أنك لاحظت هذه النقطة :)
نعم, هي بديهية, و لكنها تتوه في زحمة الحديث عن النجاح و طرقه, و أفضل طريقة في التعامل مع الفشل ليست أن تتجنبه, بل أن تعجِّل به, أو كما يقول الأعاجم fail fast!
نعم, صدقني, هذه أفضل طريقة!
و ليكن لك هدف هو التعلم من الفشل, و تكرار ذلك حتى الوصول لنموذج الأعمال الناجح قبل أن يفنى ما تملك من أموال, و هذا ما سنبينه في المقالات التالية - إن شاء الله - فابقوا معنا :)

النقطة قبل الأخيرة التي نود التركيز عليها..
أن ما قاله هنري فورد و ستيف جوبز صحيح, و لكن استخدامه في هذا السياق مغالطة! وجود مشكلة حقيقية أو وجود حاجة تحتاج لمن يشبعها شيء, و وجود حل مناسب لهذه المشكلة أو إشباع هذه الحاجة شيء آخر, و التفريق بينهما ضروري جدا لفهم المشكلة التي نتحدث عنها. فهنري فورد اكتشف حاجة الناس لشيء سريع و لكنهم لم يدروا كيف يشبعون هذه الحاجة, لكنه حاول باختراع السيارة و نجح, و ليس أنه اخترع السيارة لغير حاجة ثم نجحت على رغم أنوف الناس و بإصراره عليها! و نفس الكلام يطبق على ما قاله ستيف جوبز.

في الختام...
هذه ليست دعوة لنبذ كتب إبراهيم الفقي كلية (و إن كنت أعتقد أن بعض أفكاره ضارة بالفعل) و ليست دعوة لنبذ أساليب التحفيز مثل الإيمان بالأفكار (التي يتميز فيها إبراهيم الفقي - رحمه الله - )  بقدر ما هي دعوة للتعرف على المسالك العملية و عدم تقبل الأفكار بغير وزنها بالموازين الصحيحة, ثم عدم إلقاء النفس في معامع الأسواق بغير هدى!

الواجب المنزلي...
فكر في البداية الصحيحة بعد التحفيز, ما هي الخطوة التالية (و لا بأس أن تخبرنا هل نفعتك كتب إبراهيم الفقي - رحمه الله - في هذه الخطوة أم لا:)
و حبذا لو شاركتنا بذلك في التعليق, لعلنا نناقشه - إن شاء الله -

2 comments:

  1. مقال أكثر من رائع و رغم بساطته و سلاسه كلماته و افكاره إلا أنه ملئ بالمعلومات القيمه النافعه المتنوعه و الذى يمت عن سعة علم و افق الكاتب.
    استمر

    ReplyDelete
    Replies
    1. أكرمك الله, و لا تحرمنا من نقاشك و نقدك لما نطرحه
      و قد استفدت من ملاحظاتك على الصفحة في تعديل بعض الأشياء في هذه المقالة
      فجزاك الله خيرا

      Delete